حتى يدخل على هذه الجارية. فإني لا أشك أن نفسه قد تألقت إليها! " فقال الحارث: " لم تكدر على أخي وتفسد قلبه علي؟ " وذهب، يريد أن يحلف؛ فبادره الحكم، فقال: " هي حرة إن لم تفعل ما أمرك أبي، فإن قرة عينيه أسر إلي من هذه الجارية "، وخلف ثيابه، فألبسه إياها، وطيبه من طيبه، وخلاه؛ فذهب إليها.
وكان الحكم، بعد حالته هذه، قد تخلى من الدنيا، ولزم الثغور، حتى مات بالشأم. وأمه: السيدة بنت جابر بن الأسود بن عوف الزهري.
وعبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب، كان قاضياً على المدينة في أيام المنصور، وبعده في أيام المهدي؛ وكان محمود القضاء، حليماً، محباً للعافية؛ تقدم إليه محمد بن لوط بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب في خصومة؛ فقضى عليه عبد العزيز: " لعنك الله ولعن من استعملك! " فقال ابن المطلب: " تسب، وربك الحميد، أمير المؤمنين! برز! برز! " فأخذه الحرس يبرزونه ليضربه؛ فقال له محمد: " أنت تضربني؟ والله: لئن جلدتني سوطاً لأجلدنك سوطين "، فأقبل عبد العزيز على جلسائه، قال: " اسمعوا إليه، يخوفني حتى أجلده، فتقول قريش: جلاد قومه! " ثم أقبل على محمد بن لوط؛ فقال: " والله لا أجلدك، ولا حباً ولا كرامة! أرسلوه! فقال محمد: " جزاك الله خيراً من ذي رحم، فقد أحسنت وعفوت، ولو ضربت كنت قد احترمت ذلك منك، ومالي عليك سبيل، ولا أزل أشكرها لك. وأيم الله، ما سمعت ولا حباً ولا كرامة " في موضع قط أحسن منها في هذا الموضع ". وانصرف محمد راضياً شاكراً.
وكان عبد العزيز يشتكي عينيه، إنما هو مطرق أبداً، وقال: " ما كان