اسم الکتاب : عشائر العراق المؤلف : العزاوي، عباس الجزء : 1 صفحة : 321
" لقد أحسنت أيها الشيخ العالم الفاضل البارع النحرير ... العلامة المحقق، ملك العلماء، شمس الملة والدين فيما نظمته، وأجدت القول فيما انشأته، وبرزت فيه على المتقدمين، ولم يساجلك أحد من المتأخرين، وجمعت بين اللفظ الزائن البديع والتركيب الشائق الصليع، فمن جرى فى ميدانك تأخر وصلى، وانى يدرك شأوك الا كلا، وأهنيك فى أن أحسن القول أصدقه، وقد نمّ عود مقالك على صدقك فى مدح المولى الصاحب الصدر الكبير، العالم المعظم (لم تقرأ) كهف الفقراء، وملاذ المؤمنين عزّ الملة والحق والدين، أعز الله بشأنه الاسلام والمسلمين، وختم أعماله بالصالحات، وغفر له جميع الذنوب والزلاّت بمحمد وآله الطاهرين. كتبه العبد الفقير الى الله الغني به عمن سواه حسن بن مطهر حامدا لله تعالى، مصليا على سيدنا محمد وآله. " اه.
عندي نسخة مخطوطة منه. وفى الابيات التى أوردها الناظم ما يشير الى أصل الممدوح وعشيرته، ونعتها بأجمل النعوت ومما قاله: ياحار! قد بان الاراك وبانه فانزل بعيسك هذه الدهناء واربع بذيّاك الحمى فجنا به رقّ النسيم به وراق الماء ربع زهت هضباته ووهاده فبكلّ فجّ روضة غنّاء تحميه آساد الشرى من عامر لهم الوغى والغارة الشعواء عرب اذا جنّ الظلام لنارهم فى حندس الليل البهيم لواء الى أن يقول:
لولا خلال ابن الحسين وجوده ... كرما لما سرت به الاحياء
طابت عرائقه فطاب مديحها وتطأطأت لفخاره العلياء فعرائق أسدية ومناسب مضرية ومراتب شماء فهم بنو أسد الفتى ابن خزيمة خير الأنام المعشر النجباء فافخر وطل واسم الانام بمفخر شهدت به السادات والعظماء وهذا يوافق ما هو معروف اليوم من النخوة والنسب، والقصد تعيين أن هؤلاء من أولئك ويخالف المسموع عن ربيعة ... كما أن هذا الكتاب أماط اللثام عن موطنها الاصلي وقرر محل سكناها وانه فى أنحاء الحلة الى آخر أيام المغول بصورة مقطوع بها ... ولعل محل الاشتباه عامر. وهو غير عامر ربيعة.
وعشيرة خفاجة كانت تنازعها السلطة، ومثلها ربيعة وغيرهما من العشائر فيما دفعهم الى أنحاء واسط، وفى رحلة ابن بطوطة ما يعين تحولها، بل تجولها من مكانها الى أنحاء لواء واسط (المنتفق) واستقرارها من ذلك الحين الى اليوم. وان كان لم يعين بالضبط تاريخ نزوحها. الا أن العصر معلوم. وعلى كل كان نتيجة نزاع بين العشائر، وتطلب كل رئيس أن يسود وتكون له الكلمة فى تلك الانحاء. وهذه السلطة لها عملها فى مناجزة عشائر لاخرى. ومن ثم تظهر قوة العشائر أو يتعين ضعفها.
ولو كان المادح عيّن العشيرة المناوئة للمدوح فى أنحاء الكوفة لتبين الواقع وظهر السبب، ولكن (ابن بطوطة) بين مكانة خفاجة فى تلك الايام، ومثلها عبادة كانت قوية أيضا، ومن المحتمل أن تتفقا على ازاحة عشيرة بني أسد ... وهما من المكانة والقوة ما لا يقل عن هذه العشيرة ... ومع هذا لا تزال بقاياها فى أنحاء الحلة بصورة مبعثرة، ليس لها كيان قوي. ومن المعلوم أنه ظهر علماء وأدباء عديدون من هذه العشيرة فى الحلة، وفى تاريخ العراق بين احتلالين بيان عنهم. ومنهم العلامة (ابن المطهر) وابنه الفخر.
وكانت السياسة العشائرية مصروفة الى استخدام الرؤساء لمصلحتها لتأمين الوضع، ولم تعوّل على جيشها وحده دائما. وانما كان أمراء العشائر يظهرون الاخلاص، وكذا الصدور منهم يذهبون الى الفيلق ويبدون الطاعة، والحضور فى المعارك التى يطلب حضورهم فيها، أو يقومون بمقاومة العشائر المناوئة، وصد الغوائل. وهذا تجلى لنا بصورة واضحة من الديوان المذكور وبعض حوادثه، وسياسة العشائر للدول وان كانت مكتومة، ولا يبوح بها أحد الا ان الوقائع كشفت عنها وأبانت مكنونها ...
ويهمنا أن لا نستغرق فى مباحث كهذه، وأن نعود الى أصل موضوعنا عشيرة بني أسد فانها تسكن اليوم فى أراضى الجبايش المعروفة بالجزائر أو البطائح فى قضاء سوق الشيوخ وما جاوره حتى سوق الشيوخ والقرنةوالعمارة، وبين بني مالك، وبني خيكان، والبو محمد، ونخوتها لا تزال (عامرا) . وممن يمت الى العامرية هناك (السودان) العشيرة المعروفة فى أنحاء العمارة. والآن لا يتجاوزون العشرة آلاف. ووقائعهم وحروبهم للدولة العثمانية كثيرة.
اسم الکتاب : عشائر العراق المؤلف : العزاوي، عباس الجزء : 1 صفحة : 321