اسم الکتاب : عشائر العراق المؤلف : العزاوي، عباس الجزء : 1 صفحة : 110
في الابل قد يكون البيع صفقة واحدة وتنقطع العلاقة وقد لا يكون كذلك وتبقى العلاقة لمدة بأن يشتري المخلول والغركان، والمخلول منهما تراه، ويكون مولوداً، ويؤخذ وقت طلوع سهيل، أو أن يسلم صيفاً ... وإن المشتري في هذه الحالة يسمى (شراي حبل) والمفرود ويقال له الغرقان، كأن يشترى في بطن أمه ثم يأخذه المشتري بعد أن يفطم من أمه وذلك بأن يحول عليه الحول أو أزيد واذا مات المبيع في هذه الحالة فهو مضمون.. ويسمى (المجفوت) .
هذا ما يعين البيوعات عندهم، وان الضمان يترتب لأنه لم يسلم الى المشتري في الوقت المضروب، وغالب هذه يجريها الضعفاء والفقراء فيما بينهم، وهي التي توضح بقايا بيوعهم.. والغرض من هذه البيوعات الشراء سلفاً، وان يكون تحت ادارة البائع لمدة ...
الرعى
اذا أراد أن يسرح في الابل يعطى مخلولا ومبلغاً معيناً يقدر بدينار أو أكثر، أو مفرده وحده، أو مبلغ وحده وذلك حسب قلة الابل وكثرتها ...
الدخيل
تعطى الابل الى آخر فيذهب بها الى نجد أو الى مكان آخر، وذلك الراعي أو آخذ الابل ضامن ويجعل الابل مرخوصاً من قبله يقال له (الدخيل) والوصي وهذا هو الذي وكله ... فاذا رفض وكالته فحينئذ يصرح بذلك ويشهد ثم يخلط الأموال (الابل) بما عنده، ولا يضمن المقدرات أي لا يتوجه عليه ضمان الدرك، فاذا مات بعير يثبت الشهود على موته وحينئذ لا يبقى حق. اما لو طالب المالك ببعيره فامتنع من اعطائه الى الوصي ضمن أي انقلبت يده الى يد ضمان. وداعة البدو للبدو
وهذه امانة لا تفرق عن سائر الامانات الا انه يتصرف بها وينميها، أو يبقيها امانة على حالتها دون تصرف ... والبدوي في أحوال عديدة يريد أن يسير الى أهله، وليس في امكانه الا ان يكون مجرداً، وتكون هذه محترمة ومحتفظ بها للأمرين المذكورين، وللأمين الحق في اختيار احداهما، ولا يفترق المودع بين ان يكون بدوياً أو غير بدوي، ولكن يصرح غير البدوي بغرضه فيقول هذه (وداعة البدو للبدو) أي أنها الوديعة المصطلح عليها عندهم. وللامين الحق في حفظ عينها، او التصرف بها. فاذا كانت الوديعة شاة مثلاً تكاثرت عنده، أو حواراً، أو بعيراً كان الأمر كذلك، واذا باعها اشترى بثمنها ما ينمو، كأن كانت بعيراً فحلا كرى عليه ما عنده ونمّى الحاصل، أو باع البعير واشترى به ناقة، فاستولدها ...
والحاصل لا يسوغ له بوجه ان يخون هذه الأمانة، وإنما يستثمرها لصالح المودع، واذا كانت مبالغ اشترى بها ما فيه فائدة الى آخر ما هنالك، وقد يعين المالك الذي ائتمنه ان يتقاضى أجراً عوض العناية، وهذا غير ما يعطى للراعي أجرة رعيه وسرحه ...
3
- اموال اخرى
لا تعتبر الأموال الأخرى في الحقيقة من أموال البدو المهمة، وإنما الأموال الحقيقية هي التي تلائم أوضاعهم الحياتية ... فاذا تقربوا من الأرياف صاروا يقتنون الغنم، ويلاحظون أمر رعيها وتكثيرها ... واذا وجدت أموال أخرى فهذه لا تعد من أموالهم الأساسية. والغرض بيان ما يعوّل عليه البدوي من الأموال في بداوته، ومن أشهر أموالهم الأخرى الغنم ...
- 6 -
الشيم والأخلاق
ضيق المعيشة، وضنك الرزق، وقلة الموارد قد تجعل المرء في لبس من تصديق ان البدوي لا يكذب، وانه صريح القول، ينفذ ما عزم على فعله وما قطع في امره ... وهو في هذه الحالة لا يشهد كذباً، ولا يحابي ... وفيه من الشمم والأباء والعفة بمعناها الصحيح، واكرام الضيف، وحمى الجار والنزيل ما لا يوصف.
شاهدنا وقائع اعترف فيها البدوي انه قتل، أو أنكر القتل فلم يحلف، ولم يخن أمانة، ووفى بعهده وهكذا.. وكم أخذتنا الحيرة في وقت لا نراه يقدم على الكذب وهو في أشد المواطن خطراً، وأعظمها حرجاً ...
نرى أوصافاً كثيرة عند البدو ولا نجدها عند غالب اخوانهم من الحضر فكأن البداوة ملازمة للصدق، والانفة من الخديعة والكذب، وكأن الحضر غير منفكين من الأوصاف الرديئة الا من عصم الله تعالى ... ذلك ما دعا ان يأمن الحضري معاملته مع البدو، ويتخوف البدوي من أهل المدن وحيلهم والطرق التي يتخذونها لسلب ما عنده، فهو في حذر وخوف حتى انه اذا اشترى بضاعة يشترط أن تكون (سالمة، مسلمة للمناخ) وهكذا ...
اسم الکتاب : عشائر العراق المؤلف : العزاوي، عباس الجزء : 1 صفحة : 110