أمر الهجرة:
596- قَالُوا: ولما شخص السبعون الذين بايعوا عند العقبة، اشتدّ ذَلِكَ عَلَى قريش ورأوا أَنَّهُ قَدْ صارت لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منعة ودار هجرة.
فضيّقوا عَلَى المسلمين وآذوهم ونالوا منهم من الشتم والتناول ما لم يكونوا ينالونه.
فشكوا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وسألوه الهجرة. فَقَالَ: [إنه لم يؤذّن لي فِي ذَلِكَ بعد.] ثُمَّ إنه خرج عليهم بعد ذَلِكَ بأيام مسرورًا، فَقَالَ:
قَدْ أخبرتُ أن دار هجرتكم يثرب، فمن أراد الخروج فليخرج فإن البلاد قريبة وأنتم بها عارفون وهي طريق عِيركم إلى الشام. فجعلوا يتجهزون إلى المدينة فِي خفي وستر، ويتسللون. فيقال إنه كَانَ بين أولهم وآخرهم أكثر من سنة. وجعلوا يترافدون بالمال والظهر، ويترافقون. وبلغ من بالحبشة من المسلمين هجرة إخوانهم، فقدم من قدم منهم مكة [1] للهجرة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ ممن قدم مكة [2] أَبُو سَلَمة بْن عَبْد الأسد بْن هلال بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن مخزوم.
واسم أَبُو سَلَمة عَبْد اللَّه بْن عَبْد الأسد. ثُمَّ هاجر، فكان الثالث بعد مصعب ابن عمير، وابن أم مكتوم. وكان مصعب أول من قدمها، وجهه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليعلّم النَّاس القرآن. ثُمَّ تلاه ابن أم مكتوم. وسمعتُ من يذكر أن أبا سَلَمة قبل ابْنُ أم مكتوم. والخبر الأول أثبت.
597- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ وَبَكْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالا ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم المدينة مصعب [1] خ: المدينة. (وهو سهو) . [2] خ: المدينة. (وهو سهو) .
اسم الکتاب : أنساب الأشراف المؤلف : البلاذري الجزء : 1 صفحة : 257