اسم الکتاب : المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب المؤلف : المغيري، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 9
وهو أبو تبع الأول. وقال المسعودي: وملك خمسا وعشرين سنة، وغزا ديار المغرب، وسار إليه كيقالوس ابن كنعان ملك فارس، فبارزه وانهزمت جنود كيقالوس وأسره ذو الأذعار، ثم إن عمرا ذا الأذعار وصى ولديه تبع ورفيدة، فقال لهما غيركما يجهل الملك وسياسته ورعايته وصلاحه، وما يحتاج إليه الملك من المداراة والمحاباة والمناوى. وما الملك إلا رحى تدور على قطب، فإن جعل لها من ذلك قطبا آخر وقفت الرحى وما دارت وتعطلت أسبابها وانقطع رجاء أهلها. فهذا لتعلموا أن الملك لا يستوي لاثنين إلا أن يكون أحدهما المقتدى والآخر المقتدى به، وقد علمتما أن التاج لا يسع رأسين ولا يجتمعان في تاج أبدا، كما لا يصلح سيفان في غمد واحد، فأمر ابنه رفيدة بطاعة أخيه تبع، وهذا أول من ملك من التبابعة. ثم إن تبع ولى الملك بعد أبيه وقلد الوزارة لأخيه رفيدة، وكان إلى تبع ما يكون إلى الملك، وكان لرفيدة ما يكون إلى الوزير، فبقيا على ذلك دهرا طويلا على وصية أبيهما وسار الملك تبع في الناس سيرة أبيه ذي الأذعار، وبسط العدل والإحسان في الأرض ورزق الهيبة وأعطى من الطاعة ما لم يعط أحدا ممن قبله، قال وكانت مدائن ملوكهم صنعاء، والملوك من كهلان في مأرب على ثلاثة مراحل منها، وكان بمأرب السد الذي ضربته بلقيس ملكة من ملوكهم، وهو سد ما بين جبلين بني بالصخر والقار، فحفظت به ماء العيون والأمطار، وتركته فيه على قدر ما يحتاجون إليه في سقيهم، وهو الذي يسمى العرم، ويقال: إن الذي بناه حمير، وهو أبو القبائل اليمانية ويقال: إن الذي بناه لقمان بن سناد الأكبر، وقيل بناه سبأ بن يشجب بن يعرب، وهو الأليق. وأنه ساق إليه سبعين وادياً ومات قبل تمامه، فأتمه ملوك حمير من بعده. هؤلاء التبابعة عدة ملوكهم في عصور متتابعة وأحقاب متطاولة لا يضبطها الحصر. وكانوا متجاوزين ملوك اليمن إلى أبعد عنهم من العراق والهند والمغرب: ثم ولي الملك بعد تبع ابنه حسان، وهو ملك كرب، وهو الثاني من التبابعة: وذكر أنه وصى ابنه إفريقيس، فقال له: يا بني إن الملك صنعة، والملك صانع، فإن قام الصانع حق قيامه على صناعته، إستجادها الناس له، واستحكم أمره فيها فكسب لها المال والجاه وكانت له عدة وذخيرة. وإن استهان بها ولم يقم حق قيامه عليها، ذهبت الصنعة من يده، وتقطعت منافعها عنه، وأكتسب الذم لنفسه والحرمان. وكل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت. ويقال: إن حسان هذا هو قاتل أخيه. وهو الذي يعرف بأقرن: توفي في أرض المغرب بعد أن ملك خمسين سنة وقد ملك الأقطار. ثم ولى الملك بعده ابنه إفريقيس، فلما استقر الملك له غزا بقبائل العرب بلاد المغرب، وبنى بها مدينة وسموها باسمه إفريقية. وساق البربر إليها من أرض كنعان، وقتل الملك جرجير. ويقال هو الذي سمى البربر بهذا الاسم؛ لأنه لما فتح بلاد الغرب وسمع رطانتهم قال ما هذا؟ ما أكثر بربرتهم! فسموا البربر وكلمة البربر في لغة العرب هي اختلاط أصوات غير مفهومة. ولما رجع من غزو المغرب، ترك هناك من قبائل حمير صنهاجة وكتامة، وهما بها إلى الآن. قال الطبري والجرجاني والمسعودي وابن الكلبي وجميع النسابين وهذا هو الثالث من التبابعة. ثم إفريقيس وصى أخاه أسعد أبا كرب الكامل، فقال: قد علمت ما وصانا به أبونا مما عهد إليه أبوه من وصايا الآباء والأجداد، وسياسة هذا الملك الذي أوتيناه دون غيرنا. فعليك بالتمسك بما وجدتني عليه من بث العدل واصطناع الرجال، ومكايدة العدو، والصفح عند الاقتدار، وسد الثغور، وصف الخلل. وأبو تبع الأول. وقال المسعودي: وملك خمسا وعشرين سنة، وغزا ديار المغرب، وسار إليه كيقالوس ابن كنعان ملك فارس، فبارزه وانهزمت جنود كيقالوس وأسره ذو الأذعار، ثم إن عمرا ذا الأذعار وصى ولديه تبع ورفيدة، فقال لهما غيركما يجهل الملك وسياسته ورعايته وصلاحه، وما يحتاج إليه الملك من المداراة والمحاباة والمناوى. وما الملك إلا رحى تدور على قطب، فإن جعل لها من ذلك قطبا آخر وقفت الرحى وما دارت وتعطلت أسبابها وانقطع رجاء أهلها. فهذا لتعلموا أن الملك لا يستوي لاثنين إلا أن يكون أحدهما المقتدى والآخر المقتدى به، وقد علمتما أن التاج لا يسع رأسين ولا يجتمعان في تاج أبدا، كما لا يصلح سيفان في غمد واحد، فأمر ابنه رفيدة بطاعة أخيه تبع، وهذا أول من ملك من التبابعة. ثم
اسم الکتاب : المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب المؤلف : المغيري، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 9