اسم الکتاب : المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب المؤلف : المغيري، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 3
الأولى: وتسمى البائدة وهم العرب الخلص الأولون وقد ذهبت عنا تفصيلات أخبارهم لتقادم عهدهم، وقد كانوا شعوبا وقبائل كثيرة، وهم ولد إرم بن سام ابن نوح. وهم تسع قبائل: عاد وثمود وأميم وعبيل وطسم وجديس وعمليق وجرهم الأول ووبار. وكان مقر ملوكهم صنعاء، وملوكوا الشام والحجاز. وملكت اليمامة منهم طسم وجديس، واليمامة تسمى جو، في زمانهم وسميت اليمامة باسم المرأة التي كانت تبصر مسيرة ثلاثة أيام وكان يقال لها الزرقاء اليمامة، وحين قتلهم حسان بن تبع قتل المرأة، وقصة هذه الغزوة مشهورة في كتب التاريخ. وهذه الأمة هي أقدم الأمم يعد قوم نوح، وأعظمهم قدرة، وأشدهم قوة وآثارا في الأرض.
الفئة الثانية من طبقات العرب وهم العرب العرباء
وبعضهم يسميها المتعربة، وهم من ولد قحطان بن هود بن عابر. وكانت مساكنهم الحجاز، وكانوا معاصرين لإخوانهم أهل الطبقة الأولى وموالين لهم ومناصريهم، ولم يزالوا مجتمعين في البادية بعيدين عن الملك الذي كان لإخوانهم العاربة الأولى إلى أن تشعبت في الأرض فضائلهم، وتعددت أفخاذهم وعشائرهم، فزاحموا معاصريهم أبناء الطبقة الأولى، انتهزوا فرصة اضمحلال دولتهم وانتزعوها منهم. وكان قحطان بن هود بن عابر أول من نزل اليمن وغلب عادا والعمالقة عليها، فأنقرضت هذه الطبقة من العرب وبقيت الطبقتان الأخيرتان القحطانية والعدنانية، فالعرب الموجودون من هذين الأصلين. فصل
في ذكر قحطان وذكر كتاب وصايا الملوك
إن قحطان بن هود عليه السلام بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام، وقد أجمعت العلماء على أنه نبي مرسل بعثه الله تعالى بعد نوح عليه السلام بشيراً ونذيراً وأميناً على وحيه ورسالته وهو الذي يقول فيه الشاعر القحطاني شعراً:
أبونا نبي الله هود بن عابر ... فنحن بنو هود النبي المطهر
وذكروا أن هوداً عليه السلام أوصى بنيه فقال لهم: أوصيكم بتقوى الله وطاعته؛ والإقرار بوحدانيته، وأحذركم الدنيا فإنها خداعة غير باقية لكم ولا أنتم باقون عليها، فاتقوا الله الذي إليه تحشرون. ولا يغرنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين. ثم أقبل على قومه يوصيهم بما وصى به بنيه ويعظهم بما حكى الله تبارك وتعالى عنه: (وإلى عاد أخاهم هودا) إلى آخر الآية فكان من ردهم عليه (يا هود ما جئتنا ببينة) إلى آخر الآية.
ثم إن قحطان بعد أبيه نزل اليمن وملكها، ويقال: إنه أول من لبس التاج وأول من سلم عليه بأبيت اللعن، وذكروا أن قحطان أوصى بنيه، وكان له من الولد: يعرب وجرهم وعمان وحضرموت والحارث كما ذكره البيهقي. وقيل كان له عشرة من الولد، فقال لهم: إنكم لم تجهلوا ما نزل بعاد دون غيرهم لما عتوا على ربهم، واتخذوا آلهة يعبدونها من دون الله، وعصوا أمر نبيهم هود وهو أبوكم الذي علمكم الهدى وعرفكم سواء السبيل، وما بكم من نعمة فمن الله. وأوصيكم بذي الرحم خيراً، وإياكم والحسد، فإنه داعية إلى القطيعة. وأخوكم يعرب خليفتي فيما بينكم، فأسمعوا له وأطيعوا، وأحفظوا وصيتي وأعملوا بها، وأثبتوا عليها. ثم إن يعرب بن قحطان حفظ وصية أبيه وثبت عليها وهو أعظم ملوك العرب على اليمن، وأول من حياه قومه بتحية الملك، قال ابن سعيد: هو الذي ملك بلاد اليمن وغلب عليها قوم عاد، وغلب العمالقة على الحجاز، وعاد بن قحطان على الحجر، وحضرموت بن قحطان على بلاد حضرموت، وعمان بن قحطان على بلاد عمان.
قال ابن حزم: ومن ولد الحارث بن قحطان الأسور وهم رهط حنظلة بن صفوان بن الرس، والرس ما بين نجران إلى اليمن، وحضرموت إلى اليمامة، ذكر في العبر. وذكروا أن العرب أول من تكلم بالعربية الواسعة، وأنطلق بأفصحها وأبلغها وأوجزها. والعربية منسوبة إليه مشتقة من أسمه، وهو الذي ذكره حسان بن ثابت الأنصاري رضى الله عنه شعراً في غير هذا.
اسم الکتاب : المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب المؤلف : المغيري، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 3