اسم الکتاب : الأنساب المؤلف : الصحاري الجزء : 1 صفحة : 276
ذكر اولاد مالك بن فهم، واخبارهم ومعرفة قبائلهم
ومعرفة اولاد عمرو بن فهم اخي مالك بن فهم
جذيمة والزباء
فمن ولده الذين بعمان، وهم ببهلا، في زمن ابن عبد الملك بن مروان، واسمه القصابي. وكان وزيرا له، فأبى معرضهما. وكانت العصاء فرس جذيمة لا تلحق، فلما اقبل بالخيل والعدة والسلاح، ونزلوا عن خيولهم، وحيوه، ثم ركبوها واخذوا عن صينته، فأحدقت به الخيل من كل جانب. فقرب قصير العصاء ليركبها، فشغل عنها جذيمة، وحالت الخيل بينه وبين قصير والعصاء. فركبها قصير، وولى هاربا فنجا. وقد احدقت بجذيمة. فأخذ جذيمة إلى قصير قد ركب العصاء موليا وقد حال دونه. وقال: " ما ظل من تجري به العصاء " فذهبت مثلا.
واخذ جذيمة فسير به حتى ادخل على الزباء وكانت قد وفرت شعر عانتها حولا. فلما رأته تكشفت له. فإذا هي مصفورة العانة ...
فقالت: يا جذيمة اذات عروس ترى؟
قال جذيمة وإلهي ما بنا من عدم المواسي، ولا قلة الأواسي، ولكن شيمة إناسي، فذهبت مثلا. فأمرت به فأجلس على نطع، ودعت بطشت من ذهب فأعد وسقته من الخمر حتى اخذت مأخذها منه فأمرت براهيشه فقطعا، وقدمت الطشت.
وقد قيل لها ان قطر من دمه شئ في غير الطشت طلب بدمه. وكانت الملوك لا تقتل بضرب الاعناق الا في قتال، تكرمه للملوك.
فلما وضعت يداه في الطشت تقطر من دمه في غير الطشت. فقالت للجزار لا تضيعن دم الملك. فقال جذيمة: دعوا دما ضيعه أهله. فلم يزل دمه يسيل حتى هلك جذيمة. وفي ذلك يقول عدي بن زيد:
وقدمت الأديم لراهيشة ... والفا قولها كذبا ومينا
وونزف دمه، أي ذهب، فهو نزيف وما اشبهه قد نزف نزوفا وانزف إنزافا. قوله لراهيشة: يعني ناطر عصب يديه، والرواهش عصب اليدين من باطن الذراع. وقوله كذبا ومينا: المين هو الكذب. ولكن إذا اختلف اللفظان حسن معهم التكرير. كما قال الشاعر:
وهند اتي من دونها النأي والبعد
والنأي والبعد. ومثله كثير.
فهلك جذيمة، واستبقت دمه فجعلته في ثوبين في ربعة لها. قال، وأن قصير بن سعد اقبل في مسيرة ذلك. وقد نجا على العصاء، إلى ان نفقت تحته قدم على عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر، وهو ابن اخت جذيمة، الذي كان جذيمة قد استخلفه هلى ملكه بالحيرة.
فلما دخل قصير على عمرو بن عدي، وهو بالحيرة. اخبره خاله جذيمة، عند الزبا، وما كان من امره يوم وردت الاخبار على عمرو بقتل خاله جذيمة، فقال له قصير: يا عمرو استعد ولا تترك خالك يمر هدرا.
فقال عمرو: وكيف لي بالزبا وهي امنع من عقاب الجو. فأرسلها مثلا.
قال قصير: اجدع أنفي واذني، واضرب ظهري بالسياط حتى تؤثر فيه، ودعني واياها.
فقال عمرو: وما انا بفاعل، وما أنت بمستحق ان افعل بك ذلك؟ فقال قصير: خل عني ودعني وإياها.
قال عمرو: وانت أبصر، فجدع انفه وأثر ظهره بالسياط.
وخرج قصير كانه هارب، حتى قدم على الزبا. فقيل لها: ان قصيرا بالباب. فأمرت به. فأدخل عليها. فنظرت اليه فاذا انفه قد جدع. وظهر فيه اثار الضرب.
فقال: ما الذي انكر بك؟ قال قصير: لقيت هذا من اجللك.
قالت وكيف قصير: عن عمرو زعم اني اشرت على خاله بالخروج اليك حتى فعلت به ما فعلت، ففعل بي ما ترين، واوعدني القتل. فأقبلت هاربا منه اليك. فقبلته وأكرمته وألطفته وأديته، واصابت عند معرفته بامر الملوك.
فلما علم انها قد استرسلت اليه ووثقت به. قال لها: إن لي بالعراق مالا وبزا وعطرا وذخائر تقية، فأبعثيني لأحمل اليك من بزوزها وطرائفها وتجراتها وتصيبين في ذلك ارباحا عظيمة. فدفعت اليه مالا. وقدم العراق، فأتى الحيرة متنكرا فدخل على عمرو ليلا، فأخبره بالخبر وقال: جهزني بصنوف البز والامتعة فاعطاه حاجته وزاده مالا على مالها، واشترى له طرفا من اطراف العرق.
ورجع بذلك كله إلى الزبا، فعرضه عليها. فأعجبها وما رأت من تلك الارباح وسرت به سورا عظيما. ثن كر مرة اخرى فاضعف لها المال.
فلنا كان في المرة الثالثة، وعاد إلى العراق، لقي عمر بن عدي. وقال له: اجمع لي ثقات اصحابك وجندك، وهيء لهم الغرائر من المسموح، وهي الجواليق وادخل في كل جواليق رجلا بسلاحه، واحمل كل رجلين على بعير في غرارتين، واجعل مقعد رؤوس الغرائر وصاحوا باهل المدينة، فمن قاتلهم قتلوه. وان اقبلت الزبا تريد النفق جللتها بالسيف.
اسم الکتاب : الأنساب المؤلف : الصحاري الجزء : 1 صفحة : 276