اسم الکتاب : الأنساب المؤلف : الصحاري الجزء : 1 صفحة : 19
قال: ويزعم أهل التوراة أن الله أمره أن يصنع الفلك من خشب الساج وأن يصنعه أذورَ وأن يُطْلِيَه بالقار من داخله وخارجه، وأن يجعل طول ثمانين ذراعا وعرضه خمسين، وأن يجعله ثلاثة أطباق سُفلا ووسطاً وعُلْواً، وأن يجعل فيه كُوّى، ففعل نوح كما أمره الله، حتى إذا فرغ منه. وكان قد عهد الله إليه إذا جاء أمْرُنا وفَاَرَ التَنُّورُ قلنا أحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القولُ ومن آمن، وما آمن معه إلاقليل (وقد جعل الله التنور آية فيما بينه وبينه. فقال) فإذَا جَاءَ أمْرُنا وَفَارَ التُّنُّورُ فاسلُك فيها من كُلَّ زَوْجَيْنِ اثْنِين (أي أرْكب، فلما فار التُّنُّور وحمل نوح في الفلك من أمَرَهُ الله به وكانوا قليلا كما قال الله) احْمِلْ فِيها مِنْ كُلُّ زَوْجَيْن اثْنَيْن (مما فيه الرُّوح والشجر ذكرا وأنثى، فحمل فيه بينه الثلاثة سام وحام ويافث، ونساءهم. وستة أناس ممن كان آمن به وكانوا عشرة نفر، نوح وبنوه، وأزواجهم، ثم أدخل مما أمرَ الله من الدواب، وتخلف عنه ابنه يام، وكان كافرا.
وعن ابن عباس قال: أرسل الله المطرَ أربعين يوما، أربعين ليلة، فأقبلت الوحوش حين أصابها المطر والدَّواب والطير كلها إلى نوح، شجرت له، فحمل منها. كما أمره الله) من كُلَّ زَوْجَيْن اثْنين (وحمل معه جسد آدم، وجعله حاجزا بينه وبين الرجال والنساء.
قال، كان ابن عباس يقول: أوّل ما حَمَل نوح في الفُلْك من الدَّوَابّ الذَّرَّة، وآخر ما حمل الحِمَار فلما أدْخَلَ تعلّق إبليس بذَنَبِه فلم تستقلِ رجلاه، فجعل يقول: وَيُحَل ادْخُل. فينهض فلا يستطيع. فقال نوح: ادخل وإن كان الشيطان مَعك. قال كلمةً زلَّت عن لسانه، فلما قالها نوح خلَّى الشيطان سبيله فدَخَل ودخَل الشيطان معه، فقال له نوح: ما أدْخَلَك عليَّ يا عَدُوّ الله؟ فقال ألم تَقُل وإنْ كانَ الشيطان معك؟ قال: أخرُجْ عني يا عَدُوَّ الله. فقال: مالَكَ بُدَّ مِن أن تحملني. فكان - فيما يَزْعُمُون - في ظهر الفُلْك وغطاها عليه. فلما اطمأنّ نوح في الفلك وأدخل معه مَنْ آمَنَ به، وكان ذلك في الشهر من السنة التي دخل فيها نوح بهد ستمائة سنة من عُمْرِه عشرة ليلة خلت من الشهر.
فلما دخل وحمل معه في السفينة من حمل تحرك ينابيع الغوط الأكبر، وفتحت أبواب السماء، كما قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم) فَفَتحنَا أبواب السَّماء بماءٍ مُنهمر وفجرنا الأرض عُيوناً فألتقى الماء على أمر قد قُدر (. فدخل نوح ومن معه في الفلك، وغطّى عليه وغطّى على من معه بطبقة، فكان بين أن أرسل الله الماء. وبين أن احتمل الماءُ الفلكَ أربعون يوماً، وأربعون ليلة، ثم احتمل الماءُ الفلك كَمَا زَعَم أهلُ التَّوراة، وكثر واشتد وارتفع، يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم) وَحَمْلَناهُ عَلَى ذّاتِ ألَوْاحٍ ودُسُر (والدُّسُر المَسامِيرُ، مسامير الحديد، فجعلت الفُلْكُ تجري به وبمن معه في مَوْج كالجبال، ونادى نوح ابنه الذي هَلَك فِيمنْ هَلَك، وكان في مَعْزِلٍ حين رَأى نُوح مِنْ صِدْق مَوْعِد رَبَّه مارأى، فقال) يَابُنّيْ أرْكَبْ مَعَنا وَلاَ تَكُنْ مَعَ الكَافِرِينَ (وكان شقياً قد أظهر كُفْراً. فقال) سآوِى إلى جَبِلٍ يَعْصُمنِي مِنَ الْمَاءِ (وكان عهد الجبال وهي حِرز من الأمطار، إذا كانت فظن ذلك كما كان يكون. قال نوح) لاَعَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أمْرِ اللهِ إلاَّ مَنْ رِحَم وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْج وَكَانَ مِنَ المُغْرقِينَ (وكثر الماء وطفى، وارتفع فوق الجبال. كما يزعم أهل التوراة. خمسة عشر ذِراعا، فبادَ ما على وَجْهِ الأرض من الخلق، من كل شيء فيه الروح، أو شجر، فلم يَبْقَ من الخلائق إلا نوح ومَنْ معه في الفلك، والأعوج بن عنق. فيما يزعم أهل الكتاب.
اسم الکتاب : الأنساب المؤلف : الصحاري الجزء : 1 صفحة : 19