اسم الکتاب : الأنساب المؤلف : الصحاري الجزء : 1 صفحة : 189
ومن بني عدي بن النجار أم عبد المطلب بن هاشم. ومن بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، حسان بن ثابت بن المنذر بن خزام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وهو تيم اللات بن ثعلبة بن حسّا، إذا قتلهم ذريعا. ويقال البرد يحس النبت، أي يستأصله، والمحسة التي تحس بها الدابة بكسر الميم، والحس تجده المرأة بعد الولادة، وتقول العرب للشيء المؤلم إذا أصاب الواحد حس متينة على الكسب، ويقول حست أحس به إذا شعرت به وفطنت له. والحساس ضرب من السمك، وهو أحد شعراء بني النجار، وقد كان قتله قوم من شعرائهم، الا أن حسان أشعر منهم وأشرف ذكرا، وهو أحد شعراء النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من شعره على قريش أشد من وقع السيوف عليهم. وعن عاصم بن عمر بن قتادة بن عمر، وعبد الله بن أبي بكر، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وابتغاه مهاجرا الينا مع من أسلم من قومه، تناولته قريش بالهجاء، وتناولت الأنصار، وأغرت بهم أشراف قريش شعراءها، وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يناولهم عرضه، فمشى اليه رجال الأنصار، فقالوا: يارسول الله، ان شعراء قومك قد تناولوا عرضك وأعراضنا، وفينا شعراء، فقال: قولوا لشعرائكم فليصيبوا منهم كما أصابوا مني ومنكم، فأمروا كعب بن مالك. فقال ولم يصنع شيئاً فأتوا عبد الله بن رواحة، فقال ولم يصنع شيئاً، فأتوا حسان بن ثابت، فقالوا: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تناضح، وفي نسخة أن تنافح عنه وعن أحساب قومك. قال: والله حتىآتيه فأسأله، فأتى حسان النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك. فقال: أجل. فنافح، وأتى أبا بكر فسأله عن معايب القوم فإنه أعلم قومه بقريش فإنه يسب القوم بما فيهم، وانك لن تزال تعان بروح القدس، ما نافحت عن نبيك ثم أقبل عليه فقال يا حسان: كيف تصنع بأبي سفيان بن حرب بن عبد المطلب، وهو منا؟ قال: والذي بعثك بالحق لأسلنك من ذلك كما تسل الشعرة من العجين. وكان مما قال:
عفت ذات الأصابع فالحواء ... إلى عذراء منزلها خلاء
ديار من بني الحشحاش قفر ... تعقبها الروامس والسماء
ألا أبلغ بني سفيان عني ... مغلغة فقد برح الخفاء
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمدا برا نقيا ... أمين الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفء ... فشر كما لخير كما الوفاء
فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
فسوف يحكموا حسان عنه ... يصوغ المحكمات كما يشاء
لساني صارم لا عيب فيه ... وبحري لا تداركه الدلاء
قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت حسان ولسانك حسام، فأخرج حسان لسانه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما سرني به مقول على ظهر الأرض، وما زال بي حتى ظننت لو شئت لغريت به الأدم.
وقيل: انه - عليه السلام - قال: أهج المشركين، وجبريل معك، وقيل: انه كان عليه السلام يقول له: قل يا حسان، وروح القدس يؤيدك، وعاش حسان مائة وعشرين سنة، ستين في الجاهلية وستين منها في الاسلام.
ومن قوله:
لساني وسيفي صارمان كلاهما ... ويبلغ ما لا يبلغ السيف مذودي
فلا الجهد ينسيني حياتي وعفتي ... ولا وقعات الدهر يفللن مبردي
وأكثر أهلي من عيالي سواهم ... وأطوي على الماء القراح المبرد
فإن أك ذا مال كثير أجُدْ بِهِ ... وإن يقصر عودي على العدم يحمد
واني ليدعوني الندى فأجبته ... وأضرب ببعض العارض المتوقدي
واني لقوّال لدى الليث مرحبا ... وأهلا إذا ما ريع من كل مرصدي
في شعر طويل.
ومن قوله:
ونحن إذا ما الحرب حل مرارها ... فجادت على الحلات بالموت والدم
فمنا زمام السابقين إلى الوغى ... إذا الفشل الرعديد لم يتقدم
ونحن إذا لم يبرم الناس أمرهم ... نكون على خف من الأمر مبرم
ولو وزنت رضوي بحلم سراتنا ... لمال برضوى حلمها وترمرم
ونحن إذا ما الآل أمسى كأنما ... على حافتيه ممسى لون عندم
اسم الکتاب : الأنساب المؤلف : الصحاري الجزء : 1 صفحة : 189