اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 83
رسوله صلى الله عليه وسلم، ويأباه عدل أمير المؤمنين، فإن المال للوارث إذا قتلته حتى تقيم البينة على ما فعله، وأمره باستخراج ما اختانه أقرب عليك وهو حي، فقال: احبسوه حتى يناظر، فتأخر أمره على مال حمله، وخلص محمد.
وحدث الجاحظ أن المعتصم غضب على رجل من أهل الجزيرة الفراتية وأحضر السيف والنطع، فقال له المعتصم: فعلت وصنعت، وأمر بضرب عنقه فقال له ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين، سبق السيف العدل، فتأن في أمره فإنه مظلوم، قال: فسكن قليلاً، قال ابن أبي دواد: وغمرني البول فلم أقدر على حبسه، وعلمت أني إن قمت قتل الرجل، فجعلت ثيابي تحتي وبلت فيها حتى خلصت الرجل، قال: فلما قمت نظر المعتصم إلى ثيابي رطبة، فقال: يا أبا عبد الله كان تحتك ماء فقلت: لا يا أمير المؤمنين، ولكنه كان كذا وكذا، فضحك المعتصم ودعا لي، وقال: أحسنت بارك الله عليك، وخلع عليه وأمر له بمائة ألف درهم.
وقال أحمد بن عبد الرحمن الكلبي: ابن أبي دواد روح كله من قرنه إلى قدمه، وقال لازون [1] بن إسماعيل: ما رأيت أحداً قط أطوع لأحد من المعتصم لابن أبي دواد، وكان يسأل الشيء اليسير فيمتنع منه، ثم يدخل ابن أبي دواد فيكلمه في أهله وفي أهل [2] الثغور وفي الحرمين وفي أقاصي أهل المشرق والمغرب، فيجيبه إلى كل ما يريد، ولقد كلمه يوما في مقدار ألف ألف درهم ليحفر بها نهراً في أقاصي خراسان، فقال له: وما علي من هذا النهر فقال: ياأمير المؤمنين، إن الله تعالى يسألك عن النظر في أمر أقصى رعيتك كما يسألك عن النظر في أمر أدناها، ولم يزل يرفق به حتى أطلقها.
وقال الحسين بن الضحاك الشاعر المشهور لبعض المتكلمين: ابن أبي دواد عندنا لا يحسن اللغة وعندكم لا يحسن الكلام وعند الفقهاء لا يحسن الفقه، وهو عند المعتصم يعرف [3] هذا كله. [1] هـ: لاوزن. [2] أ: عن أهله وأهل. [3] أ: يحسن.
اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 83