اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 474
القول، واعتنقه وقبله؛ فلما قتله بعد ذلك قال للفضل بن الربيع: قاتل الله جعفراً، وذكر هذا الخبر وقال: والله ما تأملت عنقه إلا لموضع السيف منها.
ولما عزم جعفر على بناء قصره شاور أباه يحيى بن خالد فيه فقال: هو قميصك إن شئت فوسعه وإن شئت فضيقه. وأتاه وهو يبني داره هذه، وإذا الصناع يبيضون حيطانها فقال: إنك تغطي الذهب بالفضة، فقال له جعفر: ليس في كل أوان يكون ظهور الذهب أصلح، ولكن هل ترى عيباً قال: نعم، مخالطتها دور السفل والسوقة
وقال إسحاق بن سعد القطربلي: أخبرني أبو حفص عمر بن فرج قال: انصرفت مع عمرو بن مسعدة يوماً من الشماسية والمأمون بها في زلال لعمرو بن مسعدة، فلما صرنا بازاء قصر جعفر بن يحيى قال عمرو: يا أبا حفص، سرت أنا وجعفر يوماً كمسيرنا هذا، فلما نظر إلى البناء قال لي: يا أبا الفضل إني لأعلم أن هذا ليس من بناء مثلي ولكن قلت إن بقي فهو قصر جعفر، وإن شره السلطان إليه في وقت من الأوقات فهو قصر جعفر، وإن مضت عليه الأيام فإنما يقال: قصر جعفر، ويبقى لي اسمه وذكره، وربما مر عليه بعض من لنا عنده معروف فترحم علينا. ثم قال عمرو: فوالله لكأن جعفراً كان ينظر إلى ما آلت إليه الحال فيه.
ولما مضت ثلاثة أيام من قتل الرشيد جعفراً، قال الرشيد لمسرور: ما كان جعفر يصنع لما أخذته قال: كان يلعب بالشطرنج ويشرب وعنده جبريل ابن بختيشوع الطبيب، قال: فما قال حين مسه حد السيف قال: سمعته يقول: أهون بها من قتلة ولا سيما إذا كانت في طاعة الله، فقال الرشيد: ويلي على ابن الفاعلة، أراد أن يوهم أني قتلته في هوى نفسي، لا بل في طاعة الله
واختصم إليه رجلان فقال لأحدهما: أنت خلي وهذا شجي، فجوابك يجري على برد العافية وجوابه يجري على حر المصيبة.
ورفع رجل إلى جعفر رقعة ذكر فيهل قصد إياه بأمل طويل ورجاء فسيح، فوقع على ظهرها: هذا يمت بحرمة الأمل وهي أقرب الوسائل وأثبت الوصائل، فليعجل له من ذلك عشرون ألف درهم، وليمتحن ببعض الكفاية، فإن
اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 474