اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 437
لحاولتها إما نهاراً مجارهاً ... وإما سرى ليل ولو قطعت رجلي وهجا قومها فاستعدوا عليه مروان، وهو يومئذ عامل معاوية على المدينة، فنذر ليقطعن لسانه، فلحق بجذام وهي قبيلة من اليمن، فأقام هناك إلى أن عزل مروان عن المدينة، فانصرف إلى بلادها، وكان يختلف إليها سراً. [وكان لما هدر السلطان دمه ضاقت عليه الأرض بما حبت] [1] ، وكان يصعد بالليل على قور رمل فيتنسم الريح من عوارض بثينة، حتى إذا تهور الليل ومل الوقوف أنشد:
أبا ريح الشمال أما تريني ... أذوب وأنني بادي النحول
هبي لي شمة من ريح بثنٍ ... ومني بالهبوب على جميل
وقولي يا بثينة حسب نفسي ... قليلك أو أقل من القليل وينصرف مع الفجر، قال: وكانت بثينة تقول لجوار من الحي عندها: ويحكن إني لأسمع أنين جميل من بعض الغيران، فيقلن لها: أتقي الله فهذا من عمل الشيطان.
وحدث [2] عمر بن شبة عن إسحاق قال: لقي جميل بثينة بعد تهاجر كان بينهما طالت مدته، فتعاتبا ساعة فقالت له: ويحك يا جميل تزعم أنك تهواني وأنت الذي تقول:
رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغر من أنيابها بالقوادح قال: فأطرق طويلاً يبكي ثم قال: بل أنا القائل:
ألا ليتني أعمى أصم تقودني ... بثينة لا يخفى عليّ كلامها فقالت: وما حملك على هذه المنى أو ليس في سعة العافية ما كفانا وكان [3] تربة بن الحمير رحل إلى الشام فمر ببني عذرة فرأته بثينة فجعلت [1] زيادة من نسخة آيا صوفيا 94 أ - 94 ب، وقد ورد فيها هذا الخبر كاملاً. [2] ورد هذا الخبر في نسخة آيا صوفيا (94 أ) أيضاً. [3] نص هذه الرواية في نسختي ف وآيا صوفيا (94 أ) يختلف عن نصها في نسخة د.
اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 437