اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 41
فقال لي: يا عم أخرجك الهزل إلى الجد، وأنشد يقول:
ليس يزرى السواد بالرجل الشه ... م ولا بالفتى الأديب الأريب
إن يكن لسواد فيك نصيب ... فبياض الأخلاق منك نصيبي قلت: وقد نظم بعض المتأخرين، وهو الأعز وأبو الفتوح نصر الله بن قلاقس الإسكندري - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف النون - هذا المعنى وزاد فيه وأحسن كل الإحسان، وهو قوله [1] :
رب سوداء وهي بيضاء فعل ... حسد المسك عندها الكافور
مثل حب العيون يحسبه النا ... س سواداً وإنما هو نور وجلس [2] المعتصم يوماً - وقد تولى الخلافة بعد المأمون - وعن يمينه العباس بن المأمون، وعن يساره إبراهيم بن المهدي، فجعل إبراهيم يقلب خاتماً في يده، فقال له العباس: يا عم ما هذا الخاتم فقال: خاتم رهنته في أيام أبيك فما فككته إلا في أيام أمير المؤمنين، فقال له العباس: والله لئن لم تشكر أبي على حقن دمك مع عظيم جرمك لا تشكر أمير المؤمنين على فك خاتمك، فأفحمه.
وهذا إبراهيم في حديثه طول كثير [2] أورده أرباب التواريخ في كتبهم، لكن اختصرته، ونبهت على المقصود منه، وقد استوفى الطبرى وغيره الكلام فيه.
ولما ظفر المأمون بإبراهيم شاور فيه أحمد بن أبي خلد الأحول الوزير، فقال: يا أمير المؤمنين، إن قتلته فلك نظراء، وإن عفوت عنه فما لك نظير.
وكانت ولادته غرة ذي القعدة سنة اثنتين وستين ومائة، وتوفي يوم الجمعة لتسع خلون من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائتين بسر من رأى، وصلى عليه ابن أخيه المعتصم، رحمه الله تعالى.
وسر من رأى فيها ست لغات حكاها الجوهري في كتاب الصحاح في فصل [1] ليسا في ديوانه المطبوع. [2] د: وأخبار إبراهيم بن المهدي طويلة.
اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 41