اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 236
لما وصل المنصورية أراد أن يدخل الحمام، فنهاه طبيبه إسحاق بن سليمان الإسرائيلي [1] ، فلم يقبل منه، ودخل الحمام ففنيت الحرارة الغريزية منه ولازمه السهر، فأقبل إسحاق يعالجه والسهر باق على حاله، فاشتد ذلك على المنصور، فقال لبعض [2] الخدم: أما بالقيروان طبيب يخلصني [3] من هذا الداء فقالوا له ههنا شاب قد نشأ يقال له إبراهيم، فأمر بإحضاره، فحضر فعرفه حاله وشكا إليه ما به [4] ، فجمع له أشياء منومة، وجعلت في قنينة على النار وكلفه شمها فلما أدمن شمها نام، وخرج إبراهيم مسروراً بما فعل، وجاء إسحاق فطلب الدخول عليه فقالوا له: هو نائم، فقال: إن كان قد صنع له شيء ينام منه فقد مات، فدخلوا عليه فوجدوه ميتاً، فأرادوا قتل إبراهيم، فقال إسحاق: ماله ذنب، إنما داواه بما ذكره الأطباء، غير أنه جهل أصل المرض وما عرفتموه، وذلك أني كنت أعالجه وأنظر في تقوية الحرارة الغريزية، وبها يكون النوم، فلما عولج بما يطفئها علمت أنه قد مات.
ودفن بالمهدية، ومولده بالقيروان في سنة اثنتين، وقيل: إحدى وثلثمائة، وكانت مدة لمكه سبع سنين وستة أيام، رحمه الله تعالى.
وإفريقية - بكسر الهمزة وسكون الفاء وكسر الراء وسكون الياء المثناة من تحتها وكسر القاف وبعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها، وهي مفتوحة وبعدها هاء - إقليم عظيم من بلاد المغرب، فتح في خلافة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وكرسي مملكته القيروان، واليوم كرسيها تونس. [1] أبو عيقوب إسحاق بن سليمان الإسرائيلي: أصله من مصر وكان في أوليته كحالاً ثم يكن القيروان وتتلمذ على الطبيب إسحاق ابن عمران وخدم المهدي وخلفاءه من العبيديين، وله كتاب الحميات، خمس مقالات (ابن أبي أصيبعة 2: 36 - 37) . [2] هـ: لأحد. [3] أ: يخلص. [4] د: إليه ما يجده من السهر.
اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 236