اسم الکتاب : منهج محمد بن عبد الوهاب في التفسير المؤلف : الحسيني، مسعد بن مساعد الجزء : 1 صفحة : 245
فموقف عمر "رضى الله عنه" هنا- وإن كان يدل على التشديد في شأن الأخذ من أخبار بنى إسرائيل والكراهة له- إلا أنه لا يدل على أنه يذهب إلى تحريم الأخذ من أخبارهم في حدود المباح، لمن كانت عنده القدرة على التمييز بين السليم والسقيم، ومثل هذا وأرد أيضاً عن بعض الصحابة كابن عباس "رضي الله عنه" فأنه قد ورد عنه النهي عن سؤال بنى إسرائيل ومع هذا فكان "رضي الله عنه" كثيراً ما يأخذ عن مسلمة أهل الكتاب من أخبارهم.
فدل هذا على أن التشديد من أولئك الصحابة هو في حق من لم يستطع التمييز بين الصحيح وغيره وما هو داخل ضمن المأذون في نقله من عدمه لعدم تضلعه من علوم الشريعة.
وأما من كان عنده القدرة على معرفة الحق من غيره، وكيفية الأخذ والاستفادة من أخبار بني إسرائيل، فإنه يجوز له أن يأخذ من أخبارهم، وإن كنا لسنا بحاجة إلى أخبارهم.
فإذا كان كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب المتقدم أنه لا يجوز تفسير القرآن بما يؤخذ من الإسرائيليات، لا يدل على أنه يرى النهي عن الأخذ من أخبار بني إسرائيل مطلقاً فما المراد به؟
وللإجابة على هذا السؤال أقول: إن كلام الشيخ هذا يحمل على أحد معان:
1- أنه صادر في حق من لم تكن لديه القدرة على التمييز بين الحق والباطل فهو من قبيل النهي المتقدم من الصحابة عن الأخذ من أخبار أهل الكتاب وسؤالهم وخصوصاً أن الجهل قد عم وطم في كثير من الأرجاء في الفترة التي قام فيها الشيخ بدعوته.
2- أنه لا يجوز تفسير كلام الله عز وجل وإيضاح معانيه بمجرد أخبار بني إسرائيل اعتماداً عليها، واعتقادا لها، حيث أن أخبارهم لا يقطع بصحة كونها من جملة أخبار كتبهم السماوية على الحقيقة. إذ أن الله عز وجل لم يتكفل بحفظ كتابهم، بل استحفظهم إياه كما قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً
اسم الکتاب : منهج محمد بن عبد الوهاب في التفسير المؤلف : الحسيني، مسعد بن مساعد الجزء : 1 صفحة : 245