اسم الکتاب : منازل الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد المؤلف : السلماسي، يحيى بن إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 55
وظهر لهم الاجتهاد والاختبار، وكثر لهم الأَتْبَاع والأَشْيَاعُ، وحُقَّ على العوام لهم الاتّباع، وتعطَّر بذكرهم الأقطار والأصقاع، وبرَّز في تمهيد أقوالهم الأصحاب من الحواضر والبوادي، وانعمرت بمناظرتهم المجالس والنوادي، أربعة أبوحنيفة بالكوفة، ومالك بدار الهجرة، والشافعي بمكة حرم الله، وأحمد بمدينة السلام، رضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل الجنة منقلبهم ومقتضاهم.
فهم وإن اختلفت عنهم العبارات فقد اتفقت منهم الاعتقادات، كل واحد منهم مزكي الأمة وإمام الأئمة، محكم تعديله وجرحه، مسلَّم قبوله وطرحه، لا يخالف أحدهم صاحبه إلا في فرع مختلف فيه، لا يفسقه ولا يغويه، مثل لقطة الحرام وتوريث ذوي الأرحام.
فأما الكلام في صفات ذي الجلال والإكرام، وما يتعلق بأسمائه الحسنى وصفاته المباينة لصفات الأنام، فلا خلاف في ذلك بينهم، ولا يؤثر تفرق عنهم، يوجب كذبهم ومَيْنَهم[1]، بل كلمتهم فيها متفقة وأقوالهم متسقة، سلكوا سبيل الاتباع دون الابتداع، فيما نقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضي الله عنهم - وَرَوَوْا، وتمسكوا بقوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا…} [2]. [1] المَيْن: الكذب (ر: القاموس المحيط ص1595) . [2] سورة البقرة /137.
اسم الکتاب : منازل الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد المؤلف : السلماسي، يحيى بن إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 55