ومثلُ الذي في قلبه حلَّ قلبَها ... فكن أنت تجلو اليومَ عن قلبِ عاشقِ
ولولا الذي قد خفتُ من قطع كفِّه ... لألفيتُ في أمرِ الهوى غير ناطقِ
إذا مُدتْ الغاياتُ في السبقِ للعلى ... فأنت ابن عبد الله أولُ سابقِ
فأرسل خالد مولى له يثق به يسأل عن الخبر سراً، فأتاه بتصحيح ما قال عمرو، وأخذه بتزويجه، فامتنع وقال: ليس بكفؤ لها، قال: بلى والله، إنه لكفؤ لها إذ بذل كفّه عنها، ولئن لم تزوجه لأُزوجنّه وأنت كاره، فزوّجه وساق خالد عنه المهر، فكان يسمى العاشق إلى أن مات.
181 - عمرو بن مرة بن عبد يغوث بن مالك بن الحارث بن شجب النهدي، هو الذي يقول في خبر له مع علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في شعر له:
رهنتُ يميني عن قضاعة كلها ... فأبتُ حميداً فيهم غيرَ مغلقِ
182 - عمرو بن عبد العزيز الحمصي الطائي، من قوله:
سُمتُ المديحَ رحالاً دونَ نَقْدِهم ... صدٌ قبيحٌ ولفظٌ ليس بالحسنِ
183 - عمرو بن مِخْلَى الكلبي، من أهل الشام، ويقولون: ابن مخلاة، ومخلاة الحمار، وأخبرت عن حمزة المصري مؤدب ولد يزيد بن عبد الله أنه ابن ذي المخلاة، فأمّا أبو زيد عمر بن شبة، فحدثني عن عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي عن خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه أن ابن المخلاة قال في زينب إبنة سعيد بن العاص وأمها إبنه عثمان بن عفان، وكان خطبها الوليد بن عبد الملك وعبد الله بن يزيد بن معاوية، ولجّا فيها وتغايرا، يخاطب الوليد:
فتاةٌ أبوها ذو العصابة وابنُه ... وعثمانُ ما أكفاؤها بكثيرِ
فأان تفتلتها والخلافة تنقلب ... بأكرم علقي منبرٍ وسريرِ
وكان ابن مخلاة شاعر آل مروان، وفيهم يقول يذكر ما كان من قومه في معاونة مروان بن الحكم في يوم مرج راهط.
ضربنا لكم عن منبرِ الملك أهلَه ... بجَيرونَ إذ لا تستطيعون منبرا
وأيام صدقٍ كلها قد علمتم ... نصرنا ويوم المرج نصراً مؤزرا
- المحدثون في أيام بني العباس -
وأكثرهم كان بعد الأصمعي وخلف إلا نُفَيرْ لعلهما لم يعرفاهم.
184 - عمرو بن مُسلّم أبو مضر المُسَلّم الرياحي مديني حسن الشعر يمدح ويهجو، وله حظ من أدب، وكان على عهد المنصور والمهدي، حدثني محمد بن الحسن الزُرَقي قال: حدثني عبد الله بن شبيب قال: حدثني محمد بن عبد الله بن أبي عتيق البكري قال: حدثني أبو المسلّم عمرو بن المسلّم قال: جئت الحسن بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي صلوات الله عليهم أمتدحه، وهو بينبع، وهو أخو حسين صاحب فخ، قال: فلما رآني قال: لا حيا الله ولا سلم، يا عاض كذا، فقلت: لم ذاك أعزّك الله؟ قال: ألست القائل في محمد بن خالد بن عمرو بن عثمان رضي الله عنه:
يا ابنَ الذي حنَّ الحصى في يمينه ... وأكرمَ من وافي جمارَ المحصّبِ
وخير إمام كان بعد ثلاثةٍ ... مَضَوا سَلَفاً أرواحُهم لم تشعَّب
هو الثالثُ الهادي بهدي محمدٍ ... على رغمِ أنفِ الساخِط المتعتب
قال: قلت: نعم أعزّك الله، أنا قائل ذاك، ووالله لئن احتملتُ رحلي حتى أصيّر هذه الحرَّة بيني وبينك ليأتينك معنى ما قال زهير:
لئن حللتُ بجوٍّ في بني أسدِ ... في دين عمروٍ وحالتْ بيننا فَدَكُ
ليأتينكَ منّي منطقٌ قذِعٌ ... باقٍ كما دَنّس القِبطيّة الوَدكُ
قال: فقال: أدنُ لا حياكَ الله، فأوسع لي إلى جنبه، وأوقر لي رواحلي تمراً، وحدثني ابن أبي خيثمة ومحمد بن الحسن الزُرَقي قالا: حدثنا عبد الله بن شبيب عن ميسرة بن عبد الله الكلابي عن أبيه أن أبا المسلّم أنشده لنفسه:
ألا يا لقومٍ للفؤادِ المعذَّبِ ... وعينٍ تمادتْ في البكا والتنحبِ
وقلبٍ كئيبٍ لا يزال يهيضه ... لميّةَ رَبْعً ذو أَمارٍ وملعبِ
ليالي لا تُوليك إلا تحبُباً ... إلينا ألا أهلاً بذاكَ التحببِ
أقمنَا بذاكَ العيشِ ثم انتحى لنا ... من الدهر صرفُ المِرّة المتقلّبِ
وأنشدني محمد بن الحسن الزُرَقي قال: أنشدني أبو سعيد.