اسم الکتاب : معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 61
فقال أبو عمرو: إنك لألكن الفهم، إذا صيرت الوعيد الذي في أعظم شيء مثله في أصغر شيء، فاعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء، إنما نهى الله تعالى عنهما لتتم حجته على خلقه ولئلا يعدل عن أمره.
ووراء وعيده عفوه وكرمه ثم أنشد1:
ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ... ولا أختتي من صولة المتهدد
وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إبعادي ومنجز موعدي
قال عمرو صدقت:
وقد يمتدح العرب بالوفاء بهما كقولهم، لا يخلف الوعد والوعيد، ولا يبيت من ثأره على فوت.
فقد وافق هذا قول الله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} [الأعراف: 44] فقال أبو عمرو: قد وافق الأول إخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم، والحديث يفسر القرآن، وقال الأصمعي: كنت إذا رأيت أبا عمرو يتكلم ظننته لا يعرف شيئا، كان يتكلم كلاما سهلا, وكان له كل يوم بفلس كوز، وبفلس ريحان، فيشرب بالكوز يوما ويهبه.
ويأمر الجارية فتدق الريحان إذا جف في الأشنان[2].
وقال أبو عبيدة: كانت دفاتر أبي عمرو ملء بيت إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها، وكان من أشراف العرب ووجوههم.
وقال الأصمعي: قال أبو عمرو: إنما نحن فيمن مضى كبقل في أصول، نخل طوال.
= وأما عمرو بن عبيد فهو: أبو عثمان: عمرو بن عبيد بن باب، البصري، الزاهد، الكابد، المعتزلي، القدري، قال ابن قتيبة: "كان يرى رأى القدر، ويدعو إليه، واعتزل الحسن هو وأصحاب له فسموا المعتزلة" ا. هـ. وقال الذهبي: "صحب الحسن، ثم خالفة واعتزل حلقته، فلذا قيل: المعتزلي" ا. هـ. ومات عمر في طريق مكة سنتة 142 ودفن بمران على ليلتين من مكة، وصلى عليه سليمان بن علي ورثاه أبو جعفر المنصور ومن شكره فيه: كلكم يمشي رويدا كلكم يطلب صيدا. غير عمرو بن عبيد "الكبر: 1/ 193 والمعارف 483, وتاريخ بغداد رقم 6652, ومروج الذهب: 3/ 313, 314".
1 الشعر لعامر بن الطفيل انظر/ ديوانه "ص58".
2 "الإشنان": شجر يثبت في الأرض الرملية، يستعمل هو أو رماده من غسل الثياب والأيدي. "انظر المعجم الوجيز ص19".
اسم الکتاب : معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 61