فان مالكا وهو من أجل علماء السلف لما سئل عن الاستواء في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ونعتقد أن الخير والشر كله بمشيئة الله تعالي، ولا يكون في ملكه إلا ما أراد. فان العبد لا يقدر على خلق أفعاله بل له كسب، رتب عليه الثواب فضلا، والعقاب عدلا لا يجب على الله لعبده شيء، وانه يراه المؤمنون في الآخرة بلا كيف ولا إحاطة.
ونحن أيضا في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولا ننكر على من قلد أحد الأئمة الأربعة[1] دون غيرهم، لعدم ضبط مذاهب الغير، كالرافضة، والزيدية، والأمامية ونحوهم. لا نقرهم ظاهرا على شيء من مذاهبهم الفاسدة بل نجبرهم على تقليد أحد الأئمة الأربعة، ولا نستحق مرتبة الاجتهاد المطلق ولا نجبرهم على تقليد أحد منا يدعيها، إلا أنا في بعض المسائل، إذا صح لنا نص جلي، من كتاب أو سنة غير منسوخ، ولا مخصص ولا معارض بأقوى منه, وقال به أحد الأئمة الأربعة أخذنا به وتركنا المذهب كامام الصلاة، فنأمر الحنفي والمالكي مثلا بالمحافظة على نحو الطمأنينة في الاعتدال ولا جلوس بين السجدتين لوضوح ذلك، بخلاف جهر الإمام الشافعي بالبسملة فلا نأمره بالإسرار، وشتان ما بين المسألتين فإذا قوي الدليل أرشدناهم بالنص وإن خالف المذهب، وذلك يكون نادرا جدا ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض ولا مناقضة لعدم الاجتهاد.
وقد سبق جمع العلماء انه لا يمكن الوثوق المذاهب الأربعة باختيارات لهم في بعض ولا المسائل، مخالفة للمذهب الملتزمين تقليد صاحبه، أنا نستعين على فهم كتاب [1] قال بعض العلماء انه يمكن الوثوق بأقوال غير الأئمة الأربعة لأن لا توجد كتب مدونة لنقل مذهبهم وإن وجدت فلا يمكن الوثوق بها لأنها لم تنقل إلينا بطريق موثوق به ولم يتلقها الناس عن الشيوخ فهي كتب منقطعة الأستاذ وأيضا فان لا بد من معرفة شروط الأحكام وقيودها ومعرقة أن قائليها لم يرجعوا عنها. وهذا غير ميسور في أقوال غير الأئمة الأربعة.