اسم الکتاب : محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه المؤلف : الندوي، مسعود الجزء : 1 صفحة : 151
وهكذا فمذهب السلف بين الإثبات والنفي، فهم لا يؤولون اليد والعين وغيرهما من الصفات، بل يؤمنون بظاهرها مع نفي التمثيل. أي أنهم لا يريدون بهذه الصفات ما يراد بها إذا أضيفت إلى الإنسان؛ لأن الله منزه عن الكيفية والجسمية.
فالله هو الذي يعلم الكيف والحقيقة، وواجبنا هو الإيمان بدون أخذ ولا رد، وخير ما يعبر به عن مسلك السلف الصالح هو قول الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"[1].
ومذهب السلف هذا ليست مذهب الحنابلة فقط، أو الإمام ابن تيمية أو الشيخ محمد ابن عبد الوهاب، بل هو مذهب أئمة الإسلام قاطبة. الإمساك عن التأويل مطلقا مع نفي التشبيه والتجسيم.
فالأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ومحمد بن حسن وسعد بن معاذ المروزي وعبد الله بن المبارك وسفيان الثوري والبخاري والترمذي وأبو داود السجستاني وغيرهم كلهم كانوا على هذا المسلك[2].
والإمام أبو الحسن الأشعري نفسه قد ثبت عنه الرجوع، ونقل تأييده عن إمام الحرمين، وكان هذا هو مذهب جميع الصحابة والتابعين، ولقد انفتح باب التأويل بعد أن راجت سوق العقليات.
الأشاعرة المتأخرون وعامة علماء المسلمين المتأخرين كان مذهبهم التأويل.
وكل ما يدرس الآن باسم العقائد في المدارس هو مذهب أهل التأويل هذا، لكن هذه المعاني هي أحد احتمالات تلك الألفاظ، ويمكن أن تذكر عشرات من التأويلات غير هذه، فمن أين ثبت أن تأويلكم هو نفس المراد الإلهي، فإن كنا لا نجزم -وحقا لا نجزم [1] جلاء العينين: 212. [2] جلاء العينين: 229.
اسم الکتاب : محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه المؤلف : الندوي، مسعود الجزء : 1 صفحة : 151