تسلم التتر القلعة في تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وستمائة عمدوا إلى خراب سورها، وأحرقوا ما كان بها من الذخائر والزردخاناه والمجانيق. ولما هزم الملك المظفر التتر على عين جالوت وهرب من كان منهم في حلب ثم عادوا إليها مرة ثانية بعد قتل المظفر فرأوا في القلعة برجا قد بنى للحمام بأمر الملك المظفر قطز فأنكروا وأخربوا القلعة خرابا شنيعا وما فيها من الدور والخزائن. ولم يبقوا فيها مكانا للسكنى وذلك في المحرم سنة تسع وخمسين انتهى.
وقال «1» بعض المؤرخين: وفي دولة العزيز جدد طغربك دارا فيها للسكنى فظهر في الأساس صورة أسد من حجر أسود فأزالوه عن موضعه فسقط بعد ذلك الجانب القبلي من أسوار القلعة وانهدم من جسرها قطعة كبيرة. ولما حفر العزيز أساس الدار المذكورة وذلك في سنة اثنين وثلاثين وستمائة ظهر لهم مطمورة مطبقة وفيها رجل في رجليه لبنة حديد. فلا أشك أنه:
[القاضي أحمد بن أبي أسامة] :
أحمد بن محمد بن عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد. بن بهلول بن أبي أسامة أحد كبراء حلب. وهو الذي قبض عليه أسد الدولة صالح بن مرداس ودفنه حيا بالقلعة وهذا الرجل ولي قضاء حلب وتمكن في أيام سديد الدولة ثعبان بن محمد وموصوف والي القلعة فكانا يرجعان إلى رأيه. فلما حضر نواب صالح كان (105 و) ف ابن أبي أسامة في القلعة فتسلمها نواب صالح. وقتلوا موصوفا وابن أبي أسامة دفنوه حيا (!) وذلك سنة خمس عشرة وأربعمائة.