قال ابن شداد: وكان بموضع الدار التي هي الآن دار الزكاة- وهذه الدار والحمام المجاورة لها من إنشاء ذكا؛ وكان متوليا حلب من سنة اثنين وتسعين ومائتين. [وكان موضعهم «1» ] بيت المذبح لكنيسة هيلانة التي هي الحلاوية. وبينهما ساباط معقود البناء تحت الأرض [يخرج «2» ] منها من الكنيسة إلى المذبح [إلى الهيكل] . وكان النصارى يعظمون هذا المذبح ويقصدونه من سائر البلاد. وكانت حمام موغان «3» حماما للهيكل وكان حوله قريبا من مائتي قلاية تنظر إليه، وكان في وسطه كرسي ارتفاعه أحد عشر ذراعا من الرخام الملكي الأبيض.
وذكر ابن شرارة النصراني في تاريخه «4» : أن عيسى عليه السلام جلس عليه. وقيل جلس موضعه لما دخل حلب. وذكر أيضا أن جماعة الحواريين دخلوا هذا الهيكل وكان في ابتداء الزمان معبدا لعبّاد النار. ثم صار إلى اليهود فكانوا يزورونه ثم صار إلى النصارى ثم صار إلى المسلمين. وذكر أيضا أنه كان بهذا الهيكل قس يقال له «برسوما» تعظمه النصارى وتحمل إليه الصدقات من سائر الأقاليم ويذكر في سبب تعظيمهم له أنه أصاب أهل حلب وباقي أيام الروم فلم يسلم منهم غيره. انتهى.
وكانت هذه المدرسة تعرف قديما بمسجد السراجين «5» . ولما ملك نور الدين حلب وقفه مدرسة وجدد فيه مساكن يأوي إليها الفقهاء وإيوانا «6» وكان مبدأ عمارته قال ابن شداد في سنة أربع وأربعين وخمسمائة ومكتوب على بابها في سنة ثلاث وأربعين «7» .