ثمان وخمسين وستمائة دخل الجامع صاحب سيس وقتل به خلقا كثيرا، وأحرق الحائط القبلي منه، وأخذ الحريق غربا وقبلة إلى المدرسة الحلوية. واحترق سوق البزازين؛ فعّرف عماد الدين القزويني ما اعتمده السيسيون من الإحراق للجامع واغفالهم كنائس النصارى هلاكو، فأمر برفع ذلك وأطفأ النار. وقتل السيسين. فقتل منهم خلق. ولم يقدر على اطفا [ء] النار؛ فأرسل الله مطرا عظيما، فأطفأه.
ثم اعتنى نور الدين يوسف بن أبي بكر بن عبد الرحمن السلماسي الصوفي بتنظيف الجامع. ودفن القتلى من المسلمين في جباب كانت بالجامع للغلة في «1» شماله. وتقدم ما قاله غيره في هذه الجباب، وأين كانت.
ولما مات عز الدين أحمد- أحد الكتبجية «2» ، ومعناه الكاتب- خرج عن ماله جميعه.
فقبضه أخوه وتصدق ببعضه. وعمر حائط الجامع به. فأصرف عليه عشرين ألف درهم؛ منها ثمانية عشر ألف درهم لبنائه. وألفان لحصره ومصابيحه.
(35 و) م ولما ملك السلطان الظاهر «3» حلب أمر بتكليس الحائط الذي بني وعقد الجملون على الحائط القبلي إلى الحائط الشمالي من جهة الصحن، وعمل له سقف متقن.
انتهى.
واعلم أن هذا الجامع كان قديما يدرس فيه على المذاهب الأربعة، ولكل مذهب مكان مخصوص، وبه المحدثون، وأرباب الفتاوى. ولهم معاليم على ذلك. وأمره منتظم إلى محنة تمر والآن «4» قد زالت المسميات، وبقيت الأسما [ء] ؛ كما قال الأول:
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومهبط وحي مقفر العرصات