حتى يستقال جدها العاثر، ويحيا رسمها الدائر، فتبتهج الأرض بعد غبرتها، ويكتسي الدهر بزهرتها، وما قصر القائد الأعلى في الجد والتشمير، والاحتفال بالإبطال المغاوير، حتى بلغ بنفسه المجهود، والجود بالنفس أقصى غاية الجود، ولكن نفذ حكم من له الحكم، ورمى قضاءه فما أخطأ السهم، والله لا يضيع له مقامه في العالم السالف، وما أورد المشركين فيه من المتالف، فما انقضى فتح حتى أعقبه فتح، كالفجر يتبعه صبح، مد الله بسطته، وثبت وطأته، ولازال للصنع الجميل عن هذا الدين مراميا، وله محاميا، بعزته وكتب إلى القاضي ابن فورتش، كتب أعزك الله عن ضمير اندمج على سر اعتقادك دره، وتبلج في مرافق ودادك بدره، وسال على صفحات ثنائك مسكه، وصار في راحتي سنائك ملكه، ولما ظفرت بفلان حملته من تحيتي زهرا جنيا، يوافيك عرفه ذكيا، ويواليك أنسه نجيا، ويقضي من حقك فرضا ماتيا، على أن شخص جلالك لي ماثل، وبين ضلوعي نازل، لا يمله خاطر، ولا يمسه عرض دائر، إن شاء الله عز وجل، وشفع له ذو الرياستين عند القائد الأعلى أبي محمد بن عائشة في أن يسوغه من أملاكه ما يرشيه ارتجاعه، ونعشه انتجاعه، فأعلمه أن أمير المسلمين حد له ألا يخوله شيئان ولا ينوله منها نفسا ولا ريا، فكتب إليه يعرض عليه الوصول إلى دولته، والحصول في جملته، فيوليه غاية أجماله، ويوليه ما شاء من أعماله، فكتب إليه، كل المعالي أيدك الله إليك ابتسامها، وفي يدك انتظامها، وعليك أصفاقها، ولديك إشراقها، وإن كتابك الرفيع وافاني فكان كالزهر الجني، أو البشري أتت بعد النعي، سرى إلى نفسي فأحياها، وأسرى عني كرب الخطوب وجلاها، وتنبه لي وقد نامت عني العيون، وتهتم بي وقد أغفلني الزمن الخؤن، فتملكني بإجماله، واستخفني باهتباله، فلتأتينه بالثناء الركائب، تحمله أعجازها والغوارب، وأما ما وصف به أيده الله الأيام من ذميم أوصافها، وتقلبها واعتسافها، فما جهلته ولقد بلوتها خبراً، ورددتها على أعقابها صغرى، فلم أخضع لجفونها، ولم أتضعضع لنبوتها، وعلمت أن الدنيا قليل بقاؤها، وشيك فناؤها، فاعدت قول القائل: متقارب
تفانى الرجال على حبها ... وما يحصلون على طائل
وعلى حالاتها فما عدمت فيها من الله صنيعا لطيفا، وسترا كثيفا، له الحمد ما أومض بارق، ولمع شارق، وأما ما عرضه أيده الله، من الانتقال إلى ذراه، والتقلب