فديتك لا تزهد فثمّ بقيّة ... سيرغب فيها عند وقع التجاربِ
وأبق على الخلصان أنّ لديهم ... على البدء كرّاتٍ بحسن العواقبِ
تكنّفتني بالنظم والنثر جاهداً ... وسقت عليّ القول من كلّ جانبِ
وقد كان لي لو شئتُ ردّ وإنّما ... أجرّ لساني بعضُ تلك المواهبِ
ولابدّ من شكوى ولو بتنفّس ... يبرّد من حرّ الحشا والترائبِ
كتبت على رسمي وبعد نسية ... قرأت جوابي من سطور المواكبِ
ثلاثة أبيات وهيهات إنّما ... بعثت إلى حربي ثلاث كتائبِ
وكيف يلّذ العيش في عتب سيّد ... وما لذّ لي يوماً على عتب صاحبِ
وقبل جرت عن بعض كتبيّ جفوة ... ألحّت على وجهي بغمز الحواجبِ
سلكت سبيلي للزيارة قبلها ... فقابلت دفعاً في صدور الركائبِ
وما كنت مرتاداً ولكن لنفحة ... تعودتُّ من ريحان تلك الضرائبِ
ولو لمعت لي من سمائك برقة ... ركبت إلى مغناك هوج الجنائبِ
فقبّلت من يمناك أعذب مورد ... وقضيّت من لقياك أوكد واجبِ
وأبت خفيف الظهر إلاّ من النوى ... وخلّفت للعافي ثقال الحقائبِ
سواك يعي قول الوشاة من العدى ... وغيرك يقضي بالظنون الكواذبِ
وأقام عنده في بعض سفراته مقاماً امتد زمامه، وتوالت أيامه، حتى أقلقته دواعي شوقه، وشب صبره عن طوقه، والمعتصم يقيه ببره، ويعتمده بموالات لجبينه وتبره، ويرعيه ما شاء من بشره، ويستدعيه لبسط الأنس ونشره، ولما سئم الثواء ومله، وأنهله القلق وعله، وحن إلى حمص حنين نصيب للجفر، والمحرمين ليلة النفر، وهام بها هيام عمر بالثريا، وحارثه بن بدر بالحميا، كتب إليه يستسرحه، بشعر تتماه النفس وتقترحه، وهو: كامل مجزوء
يا واضحاً فضح السحا ... ب يجود في معنى السماح
ومطابقاً يأتي وجو ... هـ الجدّ من طرق المزاح
أسرفت في برّ الضيا ... فِ فجد قليلاً بالسراح
فراجعه المعتصم: كامل مجزوء
يا فاضلاً في شكره ... أصل المساء مع الصباح
هلاّ رفقت بمهجتي ... عند أتكلّم بالسراح