من قعود أبي القاسم عنه ما أنكر، هب من غفلته، واحتال في نقلته، فلاذ بالفرار، وعاذ بيني حماد بحكم الاضطرار، وجعل يستنزله ويستعطفه، ويداريه من هناك ويستلطفه، ليمن بإعادته، بكل مقال يحل سخأيم الأحقاد، ولا تلين قناته لغمز الانتقاد، فمن بديع ذلك قوله، متقارب
نسيمك حتى مَ لا ينبري ... وطيفك حتى مَ لا يعتري
أعيذك من عرض أن يكون ... وأنت الذي كنت من جوهر
أتذكر أيامنا بالحمى ... وأيامنا بذوي الأعصر
ألا رافة من وفي صفي ... ألا عطفة من سني سري
رمى زحل من أظفاره ... وحل يدا عني المشتري
عطارد هل لك من عودة ... فارجع منك إلى عنصري
سيطلبني الملك مهما أراد ... لباس نسيج من المفخر
ولو أن كل حصاة تزين ... لما جعل الفضل للجوهر
فلم يراجعه بحرف، ولم يعطه بنفس منه ولا عرف، فكتب إليه: طويل
اذكر من لم ينس عهدا ولا ينسى ... وابسط في أكناف ساحته النفسا
وانشئها خلقا جديداً واغتدي ... بظل علاه اعتدي معه الانسا
والبس ريعان الشباب وطالما ... لبست الخطوب الحمر ما دونه ورسا
وإني وإياه لمزن وروضة ... يباكرني سقيا وازكو له غرسا
صفى بيننا من خالص الوة جوهر ... غلبنا فيه بنور جوهرها الشمسا
وما أنا إلا من علاه مكون ... غدوت له نوعاً وأصبح لي جنسا
مكارمه مرعى إلى جنب معقل ... أرود إذا أضحى وءاوي إذا أمسى
وأرود خمسا كل يوم يمآئه ... وكم لي دهر قد مضى لم أرد خمسا
أبا القاسم أشرب قهوة العز وانتقل ... ثنآءي ومن فضل الكؤوس اسقني كاسا
وخذ بيدي من ثغرة قصرت يدي ... وكنت أخا باس فلم تبق لي باسا
رميت لها فضفاضتي ومهندي ... وخطيتي والنبل والقوس والترسا
ثغور المعالي قابلتك ضواحكا ... فصل لثمها امصص مراشفها اللعسا
وأجيادها مالت عليك نواعما ... كما مالت الأغصان فانعم بها لمسا
ولا ذكر في لأفواه حاشاك إنما ... صفاتك آيات ولعنا بها درسا