وكتب إلى الأستاذ أبي الحسن بن الأخضر رحمه الله، يا سيدي الأعلى، وعمادي الأسنى، وحسنة الدهر الحسنى، الذي جل قدره، وسار مسير الشمس ذكره، ومن أطال بقاءه لفضل يعلي مناره، وعلم يحيى أثاره، نحن أعزك الله نتدانى أخلاصا، وان نتناءى أشخاصا، وأن فرقنا النسب، فالأشكال أقارب، والآداب مناسب، وليس يضر تناءى الأشباح، إذا تقاربت الأرواح، وما مثلنا في هذا الانتظام، إلا كما قال أبو تمام. طويل
نسيبيَ في رأيي وعلمي ومذهبي ... وإن باعدتنا في الأصول المناسبُ
ولو لم يكن لمأثرك ذاكر، ولمفاخرك ناشر، إلا ذو الوزارتين، أبو فلان أبقاه الله لقام لك مقام سبحان وائل، وأغناك عن قول كل قائل، فإنه يمد في مضمار ذكرك باعا رحيبا، ويقوم بفخرك في كل ناد خطيبا، حتى يثني إليك الأحداق، ويلوي نحوك الأعناق، فكيف وما يقول إلا بالذي علمت سعد، وما تقرر في النفوس من قبل ومن بعد، فذكرك قد أنجد وغار، ولم يسر فلك حيث سار، وأن ليل جهل اطلعت فيه فجر تبصيرك، لجدير بان يصير نهارا، وأن نبع فكر قدحته بتذكيرك، لجدير أن يعود مرخا وعفارا، فهنيئا لك الفضل الذي أنت فيه راسخ القدم، شامخ العلم، منشور اللواء، مشهور الذكاء، مليت الآداب عمرك، ولا عدمت الألباب ذكرك، ورقيت من المراتب أعلاها، ولقيت من المشارب أقصاها، بفضل الله، وكتب مراجعا إلى الوزير أبي محمد بن سفيان رحمه الله، يا سيدي أعلى وعمادي الأسنى ومشربي الأصفى، أدام الله عزته، وحمى من النوائب حوزته، وافاني لك كتاب سري الموضع، سني الموقع، أطال الله علي إيجازه، وأطمع على أعجازه، وقابلت الرغبة التي ضمنتها فيه، بما تقتضيه جلالة مهدية، ولئن تراخى الكتاب، عن حسن ذلك العتاب، فإن المودة لم يقدح فيها من الملل، قادح، ولم يسنح لها من الخلل، سانح، بل كانت كالبرد تطوى على غره، إلى أوان جلائه ونشره، وقد علم علام الضمائر، والذي يظن غايبا وهو حاضر، أني أعتقدك القدح المعلى، وأضرب بك المثل الأعلى، وأرى أنك تحجيل واضح، في دهمة الزمان، وعلق راجح، في كفة الامتحان، وبقية سنح كريم، ما عهدهم عندنا بذميم. طويل
عليهم سلام الله ما درّ شارق ... ورحمته ما شاء أن يترحّما