تباريه، فطار بجناح، وصار إلى بغيته دون جناح، فانتظروه ليسفر عنه العجاج، وتطلعه تلك الفجاج، فلم يروا إلا منهجه، ولا اقتضوا عوضاً منه إلا رهجه، فعلم أبو الحسين ما حثه، وأشاعه فيهم وبثه، فما أنصرفوا إلا وهلال رمضام لائح، وهو على راحة رائح، فكتب إليه أبو الحسين ابن سراج: كامل
عمري أبا حسن لقد جئت التي ... عطفت عليك ملامة الأخوانِ
لمّا رأيت اليوم ولّي عمره ... واليل مقتبل الشبيبة دانٍ
والشمس تنفض زعفرانا في الربا ... وتفت مسكها على الغيضانِ
أطلعتها شمساً وأنت عطارد ... وخففتها بكواكب الندمانِ
وأتيت بدعا في الأنام مخّلدا ... فيها قرنت ولات حين قرانِ
ولهوت عن خلَّي صفاء لم يكن ... يليها عنك أقتيال زمانِ
غنيا بذكرك عن رحيق سلسل ... وحدائقٍ خضر وعزف قيانِ
ورضيت في دفع الملامة أن ترى ... متعلقا بالعذر من حسّانِ
فكتب إليه مراجعاً قطعة منها: كامل
وأنا أسأت فأين عفوك مجملاً ... هبني عصيت الله في شعبان
لو زرتني والآن تحمد زورة ... كنت الاهلال أتى بلا رمضانِ
وكتب في حينه ذلك إلى أبي بكر بن القبطرنة: طويل
فديتك لا عرف لديّ ولا نكرُ ... ولا حّجة لي قد أبى ذلك السكرُ
إذا قلت جىَّ ماذا يقول ممجّد ... وليس له في أن يجيب بلا عذر
وأخبرني الوزير أبو بكر بن القبطرنة انه كان قاعاداً ببابه ببطليوس في غدوة الجمعة وقد اجتمعت العساكر، وروعت تلك الكنائس والدساكر، ولا أحد إلا راغب في الشهادة، مؤمل موته هناك واستشهاده، إذا برجل قد وضع بيده رقعة لا عنوان لها، فلما تأملها وجد فيها. طويل
عطشت أبا بكر وكفاك ديمة ... وذبت اشتياقاً والمزار قريبُ
فخفف ولو بعض الذي أنا واجد ... فليس بحق أن يضاعغريبُ
ووفر لنا من خطا نرى بها ... نشاوى وبعد الغزو سوف نتوبُ
فقال له ابن اليسع صاحب هذه الرقعة، أوقد حلّ في هذه البقعة، فقال له نعم فاستغرب ما قصد إليه، وذهب ووجه إليه، من التضييف ما وجب وقرن به خمرا وكتب معه. طويل