وأنّ أمير المسلمين وعتبه ... لكا لدهر لا عار بما فعل الدهر
وما هو أدام اله عزه إلا نصل أعمد ليجرد، وسهم سد طريقه ليسدد، وجواد ارتبط ليخلى عنانه، وقطر تأني سحابه وسيسيله عنانه، وأن المهارق لتلبس بعده ثياب حداد، وأن السنة الأقلام لتخاصم عنه بالسنة حداد، وسينجلي هذا القتام عن سابق لا يدرك مهله، ويعتمده الملك الهمام بإكرام لا يكدر منهله، ويونس ربع الملك الذي أوحش ويهله، ويرقيه أيده الله إلى أعلى المنازل ويهله، وينشد فيه، وفي طالبيه. كامل
وسعى إليّ عزّة نسوة ... جعل الإله خدودهنّ نعالا
وأنا أعلم انه أعزة الله سيبرم بهذا الكلام، ويوليني جانب الملام، ويعد قولي مع السفاهات والأحلام، فقد ذهب في رفض الدنيا مذهبا، وجلا التوفيق عن عينه غيهبا، وتركنا عبيد الشهوات نمسك بخطامها، ونرتع في حطامها، وأسأل الله عملا صالحاً، وقباً مصالحاً، ويقينا نافعاً، وأخلاصا شافعاً، بمنه إن شاء الله.
الوزير الكاتب أبو جعفر بن أحمد رحمه الله تعالى
كاتب مجيد، وفاضل مجيد، انخفض عن الارتفاع، ونفض يده من الانتفاع، فلم يلح في سماء، ولم يرد مورد ماء، وكانت له نفس عليه، تزهو بها الجوانح والضلوع، وسجية سنية، يعبق منها الفضل ويضوع، وما زال يغص بالأيام وحالها، ويتنغص بباطلها ومحالها، حتى أضله الحمام وغشاه، وأجنه التراب في حشاه، وقد أثبت من كلامه ما تنشرح له النفوس، ويلذ بسماعه الجلوس، دخلت حمة بجانة ليلاً وجفونها بالظلام مكتحلة، ومتونها من الأنس ممحلة، فتشوفت مستوحشاً، ووقفت منككشا، لا أجد أين أريح، ولا أرى مع من استريح، فبعد ونية، لقيني من أنزلني بها في منية، نائية عن الديار، خالية من العمار، فما حططت حتى وافاني رسوله يتحمل رغبته في الانتقال إليه، والنزول عليه، فاعتذرت له، وشكرت تطوله وتفضله، فما كان غير بعيد حتى وافاني مسلياً لي ومونساً، وأعاد لي المكان مكنسا، وبتنا بلية لم أجد للدهر غيرها، ولم أحمد إلا طيرها، ولما كان الغلس تركني مزمعاً، وانفصل عني مودعا، فلما حل بموضعه كتب إلي، استكمل الله تعالى لثمني الوزارة سعادة، واستوصله من سموها عادة، وأسأله المسرة بدنوها معادة، كيف لا أراقب مراقي النجوم، وأطالب مأقي العين