وا حسرتا لصديق ما له عوض ... وإن قلت من هو لا يلقاك معترض
القاه بالنفس لا بالجسم منة حذر ... لعلة ما رأيت الحر ينقبض
فكتب إليه أبو محمد مراجعاً بسيط
شد الجياد إذا أجريت منقبض ... ما للوجيه على الميدان معترض
أني تضاهيه فرسان الكلام من ... غبارة في هواديهن ما نفضوا
جرت على مستو من طبعه كلم ... هي المشارب لكن ما لها فرض
كان منشدها نشوان من طرب ... أو بلبل من سقيط الطل ينتفض
تحية من بني العباس زار بها ... طيف من العذر في أثنائها يمض
لا بالجلي فتستوفى حقيقته ... ويستبان بعين ما بها غمض
لكن أغض عليه جفن ذي مقة ... كما يسد مسد الجوهر العرض
يا من يعز علينا أن نعاتبه ... الأعتاب محب ليس يمتعض
ناشدتك الله والإنصاف مكرمة ... أما الوفاء بحسن الود مفترض
هب المزار لمعنى الريب مرتفع ... ما للوداد بظهر الغيب منخفض
أما لكل نبيه في العلى حيل ... تقضى الحقوق بها والمرء منقبض
كن كيف شئت فمن دابي محافظة ... على الذمام وعهد ليس ينتقض
وهمة لم تضق ذرعاً بحادثة ... إن الكريم على العلات بنتهض
والحر حر وصنع الله منتظر ... والذكر يبقى وعمر المرء ينقرض
الوزير أبو عامر بن أرقم رحمه الله تعالى
فريد الوقت وابن فريده، وعميد الكلام وابن وعميده، كان الوزير الكاتب أبو الأصبغ أبوه قد أربى على أهل أوانه، واستقر بكتابة زمانه فنبت أبو عامر في تربة العلم ونشأ في حجره، وشدا بين السحر البيان ونحوه، ثم لم يزل على كد الطلب وتعبه، اصبر من عود عضت جنباه بخلبه، حتى ارتوى من صافي الأدب ونميره، واحتجن من مصوحه ونضيره، فجمع حفظه بين الغريب الحوشي، والمولد الرياضي، وله شعر ونثر يفصحان بسعة باعه، ورحب ذراعه، ويشهدان أنه يغرف من عجاج، ويدع محاربه يعمه في عجاج، فمن ذلك قوله يمدح الأمير عبد الله بن مزدلي، بسيط
سريت والليل من مسراك في وهل ... مبرا العزم من أين ومن كسل
وسرت في جحفل يهدي فوارسه ... سناك تحت الدجا والعارض والهطل