إذا اشتد لان، والحوادث تنعكس إلى أضدادها، إذا تناهت في اشتدادها، وتزايدت على أمادها، وكتب في مثل ذلك، كتابي وعندي من الدهر ما يهد يسره الرواسي، ويفتت الحجر القاسي، ومن أجلها قلب محاسني مساويا، وانقلاب أوليائي أعاديا، وقصدي بالبغضة من حيث المقة، واعتمادي بالخيانة من جانب الثقة، فقس بهذا على سواه، وعارض به ما عداه، ولا تعجب إلا لثبوتي لما لم يثبت هـ الخلق السرد، وبقائي على ما لا يبقى عليه الحجر الصلد، لا أطول عليك فقد غير علي حتى شرابي، وأوحشتني فها أنا أتهم عياني، واشتريت من بناني، وأجني الإساءة من غرس إحساني، وقاتل الله الحطيئة في قبره، فطالما غر قوله في شعره: بسيط
من يزرع الخير يحصد ما يسر به ... وزارع الشر منكوس على الراس
أنا والله فعلت خيراً فعدمت جوازيه، وما أحمدت عوائده ومباديه، وزر عته فلم أحصد إلا شراً، ولا اجتنيت منه إلا ضراً، وهكذا جدي فما اصنع وقد أبى القضاء إلا أن أفني عمري في بوس، ولا أنفك من نحوس، ويا ليت باقية قد انصرم، وغائب الحمام قد قدم، فعسى أن تكون بعد الممات راحة من هذا النصب، وسلوة عن هذه الخطوب والنوب، فدع بنا هذا التشكي فالدهر ليس بمتعب من يجزع، وما في الأيام رجاء ولا مطمع، وله فصل من تعزية، من أي الثنايا طلعت النوائب، وأي حمى رتعت فيه المصائب، فواها لحشاشة الفضل أرصدها الردى غوائله، وبقية الكرم جر عليها الدهر كلاكله، ويا حسرتا للجة المواهب كيف سجرت، ولشمس المعالي كيف كورت، ويا لهفي على هضبة الحلم كيف زلزلت، وحدة الذكاء والفهم كيف فللت، فإنا الله أخذا بوصاياه، وتسليماً لقضاياه، وله فصل، ولئن كانت الأيام تنئيك، فللأماني تدنيك، ولئن كنت محجوراً من الناظر، فإنك مصور في الخاطر، أناجيك بلسان الضمير، وأعاطيك سلاف السرور، وله، ورد لك في كتاب خلته لطفه سماء، وتوهمته من خفته هباء، وفضضته عن أسطر فيها سواد، ولم يتحصل لي منه مستفاد، فتعوذت برب الفلق، من شر ذلك الغسق، وله إلى ابن حسد لي، كنت عهدتك لا تمتنع من مداعبة من يداعبك، ولا تنقبض عن مراجعة من يخاطبك، فمن أين حدث هذا التعالي، وما سبب هذا التغالي، عرفتني جعلت فداك، ما الذي عداك، ولعلك رأيت الحضرة قد حلت من قاض