اسم الکتاب : فوات الوفيات المؤلف : ابن شاكر الكتبي الجزء : 1 صفحة : 383
ومرح العصفور، فاطلع من التمراد [1] ، وقد ظفر بالمراد، فنظر إلى أقاحيه، تفتر في نواحيه، وإلى البهار، يضاحك شمس النهار، فجعل يلثم من وروده خدودا، ويهصر من أغصانه قدودا، ويقتبس النار، من الجلنار، ويلتمس العقيق، من الشقيق، فغرد ثملاً، وغنى خفيفاً ورملاً، بأطيب من نفحته المسكية، وأعطر من رائحته الذكية، مع أني وإن أهديته في كل أوان، عن أداء ما يجب عليّ غير وان، أعد نفسي السكيت اللاحق [2] ، لما يجب عليّ من الحق، فعثرت [3] ، وجهدت فما أثرت، فأنا بحمد الله في حال خمول وقنوع، وجناب عن غير الغير ممنوع، فارقت المتوج بأزال [4] ، ولزمت الخمول والاعتزال، سعيي سعي الجاهد، وعيشي عيش الزاهد، ببلد: الأديب فيه غريب، والأريب كالمريب، إن تكلم استثقل، وإن سكت استقلل، منازله كبيوت العناكب، ومعيشته كعجالة الراكب، فهو كما قال أبو تمام حيث قال [5] :
أرض الفلاحة لو أتاها جرولٌ ... أعني الحطيئة لاغتدى حرّاثا
لم آتها من أيّ بابٍ جئتها ... إلاّ حسبت بيوتها أجداثا
تصدا بها الأفهام بعد صقالها ... وتردّ ذكران العقول إناثا
أرضٌ خلعت اللهو خلعي خاتمي ... فيها وطلقت السرور ثلاثا وأما حال عبده بعد فراقه في الجلد، فما حال أم تسعة من الولد؟ ذكور، كأنهم عقبان وكور، اخترم منهم ثمانية، وهي على التاسع حانية، نادى النذير في البادية: يا للعادية يا للعادية، فلما سمعت الداعي، ورأت الخيل وهي سواعي، جعلت تنادي ولدها الأناة الأناة، وهو ينادي القناة القناة: [1] التمراد: بيت صغير يجعل في بيت الحمام لمبيضه. [2] ياقوت: السكيت في السابق. [3] ياقوت: أثرت فعثرت. [4] ياقوت: فارقت المثول ولا أزال؛ وأزال هي صنعاء. [5] ديوان أبي تمام 1: 325.
اسم الکتاب : فوات الوفيات المؤلف : ابن شاكر الكتبي الجزء : 1 صفحة : 383