اسم الکتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة الجزء : 1 صفحة : 499
أَبُو الْفضل حسداي بن يُوسُف بن حسداي
من سَاكِني مَدِينَة سرقطسة وَمن بَيت شرف الْيَهُود بالأندلس من ولد مُوسَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام
عني بالعلوم على مراتبها وَتَنَاول المعارف من طرقها فأحكم علم لِسَان الْعَرَب ونال حظا جزيلا من صناعَة الشّعْر والبلاغة وبرع فِي علم الْعدَد والهندسة وَعلم النُّجُوم وَفهم صناعَة الموسيقى وحاول عَملهَا وأتقن علم الْمنطق وتمرن بطرق الْبَحْث وَالنَّظَر واشتغل أَيْضا بِالْعلمِ الطبيعي وَكَانَ لَهُ نظر فِي الطِّبّ وَكَانَ فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة فِي الْحَيَاة وَهُوَ فِي سنة الشبيبة
أَبُو جَعْفَر يُوسُف بن أَحْمد بن حسداي
من الْفُضَلَاء فِي صناعَة الطِّبّ وَله عناية بَالِغَة فِي الِاطِّلَاع على كتب أبقراط وجالينوس وفهمها
وَكَانَ قد سَافر من الأندلس إِلَى الديار المصرية
واشتهر ذكره بهَا وتميز فِي أَيَّام الْآمِر بِأَحْكَام الله من الْخُلَفَاء المصريين وَكَانَ خصيصا بالمأمون وَهُوَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن نور الدولة أبي شُجَاع الآمري فِي مُدَّة أَيَّام دولته وتدبيره للْملك
وَكَانَت معدنه فِي ذَلِك ثَلَاث سِنِين وَتِسْعَة أشهر لِأَن الْآمِر كَانَ قد استوزر الْمَأْمُون فِي الْخَامِس من ذِي الْحجَّة سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة وَقبض عَلَيْهِ لَيْلَة السبت الرَّابِع من شهر رَمَضَان سنة تسع عشرَة وَخَمْسمِائة فِي الْقصر بعد صَلَاة الْمغرب
ثمَّ قتل بعد ذَلِك فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخَمْسمِائة وصلب بِظَاهِر الْقَاهِرَة
وَكَانَ الْمَأْمُون فِي أَيَّام وزارته لَهُ همة عالية ورغبة فِي الْعُلُوم فَكَانَ قد أَمر يُوسُف بن أَحْمد بن حسداي أَن يشْرَح لَهُ كتب أبقراط إِذْ كَانَت أجل كتب هَذِه الصِّنَاعَة وَأَعْظَمهَا جدوى وأكثرها غموضا
وَكَانَ ابْن حسداي قد شرع فِي ذَلِك وَوجدت لَهُ مِنْهُ شرح كتاب الْأَيْمَان لأبقراط وَقد أَجَاد فِي شَرحه لهَذَا الْكتاب واستقصى ذكر مَعَانِيه وتبيينها على أتم مَا يكون وَأحسنه
وَوجدت لَهُ أَيْضا شرح بعض كتاب الْفُصُول لأبقراط وَكَانَ بَينه وَبَين أبي بكر مُحَمَّد بن يحيى الْمَعْرُوف بِابْن باجة صداقة فَكَانَ أبدا يراسله من الْقَاهِرَة
وَكَانَ يُوسُف بن أَحْمد بن حسداي مدمنا للشراب وَعِنْده دعابة ونوادر
وَبَلغنِي عَنهُ أَنه لما أَتَى من الْإسْكَنْدَريَّة إِلَى الْقَاهِرَة كَانَ هُوَ وَبَعض الصُّوفِيَّة قد اصْطَحَبَا فِي الطَّرِيق فَكَانَا يتحادثان وَأنس كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى الآخر وَلما وصلا إِلَى الْقَاهِرَة قَالَ لَهُ الصُّوفِي أَنْت أَيْن تنزل فِي الْقَاهِرَة حَتَّى أكون أَرَاك فَقَالَ مَا كَانَ فِي خاطري أَن أنزل إِلَّا حانة الْخمار وأشرب فَإِن كنت توَافق وَتَأْتِي إِلَيّ فرأيك
فصعب قَوْله على الصُّوفِي وَأنكر هَذَا الْفِعْل وَمَشى إِلَى الخانكاه
وَلما كَانَ فِي بعض
اسم الکتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة الجزء : 1 صفحة : 499