اسم الکتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة الجزء : 1 صفحة : 37
القوى كَمَا قَالَ بعض الشُّعَرَاء وَذَلِكَ إِنَّا نجد الشُّعَرَاء بأجمعهم يمدحون هَذِه الْقُوَّة ويمجدونها أما أحدهم فَفِي قَوْله إِنَّهَا الْمُتَقَدّمَة فِي الشّرف على جَمِيع الْأَبْرَار فِي خيرك أكون بَاقِي حَياتِي
وَأما شَاعِر آخر فَقَالَ إِنَّهَا الْمُتَقَدّمَة فِي الشّرف على جَمِيع الْأَبْرَار إياك أسأَل أَن أؤهل قبل جَمِيع الْخيرَات
وَبِالْجُمْلَةِ فَقَوْل الْقَائِل أَي الْخيرَات من الْيَسَار أَو الْأَبْنَاء أَو الْملك يتساوى فِي الْقُوَّة عِنْد سَائِر النَّاس أَلَيْسَ كُله شَيْئا إِنَّمَا يكون ناصرا ملتذا لِلْخَيْرَاتِ بِسَبَب الصِّحَّة إِنَّهَا الْبرة المؤهلة لهَذَا الِاسْم
وَإِنَّمَا ذَلِك لِأَن الصِّحَّة خير فِي غَايَة التَّمام لَا متوسط فِيهَا بَين الْخَيْر وَالشَّر
وَلَا فِي الدرجَة الثَّانِيَة من الْخَيْر كَمَا ظن قوم من الفلاسفة وهم المعروفون بالمشائين وبأصحاب المظلة
وَذَلِكَ أَن شرف سَائِر الْفَضَائِل الَّتِي يعْنى بهَا النَّاس عناية بَالِغَة فِي جَمِيع أَيَّام حياتهم إِنَّمَا هِيَ بِسَبَب الصِّحَّة
من ذَلِك إِنَّا نجد من رام أَن يبين شجاعة وَشدَّة ومحاربة للأعداء ودفعهم عَن الْأَوْلِيَاء جهادا دونهم إِنَّمَا يفعل ذَلِك بِاسْتِعْمَالِهِ قُوَّة الْبدن
وَاسْتِعْمَال الْإِنْسَان الْعدْل بِأَن يُعْطي كل ذِي حق حَقه وَيفْعل كل مَا يحب أَن يفعل ويحفظ النواميس ويصحح فِي كل مَا يرَاهُ ويفعله لَا يُمكن أَن يتم خلوا من الصِّحَّة
وَسبب الْخَلَاص أَيْضا إِنَّمَا يرى أَن تَمَامه إِنَّمَا يكون بِالصِّحَّةِ وَذَلِكَ أَنه بِمَنْزِلَة الْمَوْلُود عَنْهَا
وَبِالْجُمْلَةِ فَأَي النَّاس رام أَن يَقُول بِسَبَب اعْتِقَاد رَأْي من الآراء وإقناع بَاطِل مموه أَن قَصده لَيْسَ هُوَ اقتناء الصِّحَّة فَإِنَّمَا ذَلِك القَوْل مِنْهُ بِلِسَانِهِ فَقَط فَإِذا أقرّ بِالْحَقِّ قَالَ إِن الصِّحَّة بِالْحَقِيقَةِ هِيَ الْخَيْر الَّذِي فِي غَايَة التَّمام
فَهَذِهِ الْقُوَّة أَولهَا النَّاس أَن تكون كرسيا للْإنْسَان الْمُدبر لصناعة الطِّبّ وَاسم هَذِه الْقُوَّة أَيْضا مُشْتَقّ على الْحَقِيقَة وَذَلِكَ أَن اسْمهَا فِي اللِّسَان اليوناني مُشْتَقّ من اسْم الرُّطُوبَة لِأَن الصِّحَّة إِنَّمَا تتمّ لنا بالرطوبة كَمَا دلّ على ذَلِك فِي بعض الْمَوَاضِع أحد الشُّعَرَاء فِي قَوْله الْإِنْسَان الرطب
وَإِذا تَأَمَّلت صُورَة أسقليبيوس وجدته قَاعِدا مُتكئا على رجال مصورين حوله وَذَلِكَ وَاجِب لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون ثَابتا لَا يَزُول من بَين النَّاس ويصور عَلَيْهِ تنين ملتف حوله وَقد خبرت سَبَب ذَلِك فِيمَا تقدم
وَمن الْآدَاب وَالْحكم الَّتِي لأسقليبيوس
مِمَّا ذكره الْأَمِير أَبُو الْوَفَاء المبشر بن فاتك فِي كتاب مُخْتَار الحكم ومحاسن الْكَلم قَالَ أسقليبيوس
من عرف الْأَيَّام لم يغْفل الاستعداد
وَقَالَ
اسم الکتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة الجزء : 1 صفحة : 37