responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة    الجزء : 1  صفحة : 349
تقدم ذكره مَاء الشّعير والنقوع وَالشرَاب فَمَتَى جَاوز هَذَا تلف وَكَانَ سَبَب هَلَاكه
وَكَانَ ينشد
(وَإِذا أنبت الْمُهَيْمِن للنمل ... جنَاحا أطارها للتردي)
(وَلكُل امْرِئ من النَّاس حد ... وهلاك الْفَتى جَوَاز الْحَد) الْخَفِيف
أَمِين الدولة بن التلميذ

هُوَ الْأَجَل موفق الْملك أَمِين الدولة أَبُو الْحسن هبة الله بن أبي الْعَلَاء صاعد بن إِبْرَاهِيم بن التلميذ أوحد زَمَانه فِي صناعَة الطِّبّ وَفِي مُبَاشرَة أَعمالهَا
وَيدل على ذَلِك مَا هُوَ مَشْهُور من تصانيفه وحواشيه على الْكتب الطبية وَكَثْرَة من رَأَيْنَاهُ مِمَّن قد شَاهده
وَكَانَ ساعور البيمارستان العضدي بِبَغْدَاد إِلَى حِين وَفَاته
وَكَانَ فِي أول أمره قد سَافر إِلَى بِلَاد الْعَجم وَبَقِي بهَا وَهُوَ فِي الْخدمَة سنينا كَثِيرَة
وَكَانَ جيد الْكِتَابَة يكْتب خطا مَنْسُوبا
وَقد رَأَيْت كثيرا من خطه وَهُوَ فِي نِهَايَة الْحسن وَالصِّحَّة
وَكَانَ خَبِيرا بِاللِّسَانِ السرياني والفارسي متبحرا فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة
وَله شعر مستطرف حسن الْمعَانِي إِلَّا أَن أَكثر مَا يُوجد لَهُ البيتان أَو الثَّلَاثَة وَأما القصائد فَلم أجد لَهُ مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل
وَكَانَ أَيْضا يترسل وَله ترسل كثير جيد
وَقد رَأَيْت لَهُ من ذَلِك مجلدا ضخما كُله يحتوي على إنْشَاء ومراسلات وَأكْثر أَهله كتاب
وَكَانَ وَالِد أَمِين الدولة وَهُوَ أَبُو الْعَلَاء صاعد طَبِيبا فَاضلا مَشْهُورا
وَكَانَ أَمِين الدولة وأوحد الزَّمَان أَبُو البركات فِي خدمَة المستضيء بِأَمْر الله
وَكَانَ أَبُو البركات أفضل من ابْن التلميذ فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة وَله فِيهَا كتب جليلة وَلَو لم يكن لَهُ إِلَّا كِتَابه الْمَعْرُوف بالمعتبر لكفى
فَأَما ابْن التلميذ فَكَانَ أَكثر تبصره بصناعة الطِّبّ واشتهر بهَا
وَكَانَ بَينهمَا شنآن وعداوة إِلَّا أَن ابْن التلميذ كَانَ أوفر عقلا وأخير طباعا من أبي البركات
وَمن ذَلِك أَن أوحد الزَّمَان كَانَ قد كتب رقْعَة يذكر فِيهَا عَن ابْن التلميذ أَشْيَاء يبعد جدا أَن تصدر عَن مثله ووهب لبَعض الخدم شَيْئا واستسره أَن يرميها فِي بعض الطّرق الْخَلِيفَة من حَيْثُ لَا يعلم بذلك أحد وَهَذَا مِمَّا يدل على شَرّ عَظِيم
وَأَن الْخَلِيفَة لما وجد تِلْكَ الرقعة صَعب عَلَيْهِ جدا فِي أول أمره وهم أَن يُوقع بأمين الدولة
ثمَّ أَنه بعد ذَلِك رَجَعَ إِلَى رَأْيه وأشير عَلَيْهِ أَن يبْحَث ويستأصل عَن ذَلِك وَأَن يسْتَقرّ من الخدم من يتهمه بِهَذَا الْفِعْل
وَلما فعل ذَلِك انْكَشَفَ لَهُ أَن أوحد الزَّمَان كتبهَا للوقيعة بِابْن التلميذ فحنق عَلَيْهِ حنقا عَظِيما ووهب دَمه وَجَمِيع مَاله وَكتبه لأمين الدولة بن التلميذ
ثمَّ إِن أَمِين الدولة كَانَ عِنْده من كرم الطباع وَكَثْرَة الْخَيْرِيَّة أَنه لم يتَعَرَّض لَهُ بِشَيْء
وَبعد أوحد الزَّمَان بذلك عَن الْخَلِيفَة وانحطت مَنْزِلَته وَمن مطبوع مَا لأمين الدولة فِيهِ قَوْله
(لنا صديق يَهُودِيّ حماقته ... إِذا تكلم تبدو فِيهِ من فِيهِ)

اسم الکتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة    الجزء : 1  صفحة : 349
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست