responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة    الجزء : 1  صفحة : 127
وَقَالَ المبشر بن فاتك إِن من جملَة مَا احْتَرَقَ لِجَالِينُوسَ فِي هَذَا الْحَرِيق كتاب روفسي فِي الترياقات والسموم وعلاج المسمومين وتركيب الْأَدْوِيَة بِحَسب الْعلَّة وَالزَّمَان وَإِن من عزته عِنْده كتبه فِي ديباج أَبيض بقز أسود وَأنْفق عَلَيْهِ جملَة كَثِيرَة اقول وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن لِجَالِينُوسَ اخبارا كَثِيرَة جدا وحكايات مفيدة لمن يَتَأَمَّلهَا ونبذا ونوادر مُتَفَرِّقَة فِي خلال كتبه وَفِي اثناء الاحاديث المنقولة عَنهُ وقصصا كَثِيرَة مِمَّا جرى لَهُ فِي مداواة المرضى مِمَّا يدل على قوته وبراعته فِي صناعَة الطِّبّ
لم يتهيأ لي حِينَئِذٍ أَن اذكر جَمِيع ذَلِك فِي هَذَا الْموضع وَفِي عزمي أَن أجعَل لذَلِك كتابا مُفردا يَنْتَظِم كل مَا اجده مَذْكُورا من هَذِه الْأَشْيَاء فِي سَائِر كتبه وَغَيرهَا أَن شَاءَ الله تَعَالَى
وَقد ذكر جالينوس فِي فينكس كتبه انه صنف مقالتين وصف فيهمَا سيرته
فَأَما العلاجات البديعة الَّتِي حصلت لِجَالِينُوسَ ونوادره فِي تقدمه الْمعرفَة الَّتِي تفرد بهَا عِنْدَمَا تقدم فَأَنْذر بحدوثها فَكَانَت على مَا وَصفه فَأَنا وَجَدْنَاهُ قد ذكر من ذَلِك جملا فِي كتاب مُفْرد كتبه إِلَى أفيجانس ووسمه بِكِتَاب نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة وَهُوَ يَقُول فِي كِتَابه هَذَا أَن النَّاس كَانُوا يسموني أَولا لجودة مَا يسمعونه مني فِي صناعَة الطِّبّ الْمُتَكَلّم بالعجائب فَلَمَّا ظَهرت لَهُم المعجزات الَّتِي كَانُوا يجدونها فِي معالجتي سموني الْفَاعِل للعجائب
وَقَالَ فِي كِتَابه فِي محنه الطَّبِيب الْفَاضِل مَا هَذِه حكايته قَالَ وَلم اعْلَم أحدا مِمَّن بالحضرة الا وَقد علم كَيفَ داوينا الرجل الَّذِي كَانَ يضرّهُ كل شياف يكتحل بِهِ حَتَّى برأَ وَكَانَت فِي عينه قرحَة عَظِيمَة مؤلمة وَكَانَ مَعَ ذَلِك الغشاء العنبي قد نتأ فتأنيت لذَلِك حَتَّى سكن والقرحة حَتَّى اندملت من غير أَن اسْتعْمل فِيهَا شَيْئا من الشيافات فاقتصرت على أَنِّي كنت اهيىء لَهُ فِي كل يَوْم ثلَاثه مياه احدها مَاء قد طبخت فِيهِ حلبة وَالْآخر مَاء قد طبخت فِيهِ وردا وَالْآخر مَاء قد طبخت فِيهِ زعفرانا غير مطحون وَقد رأى جَمِيع الْأَطِبَّاء الَّذين بالحضرة وَأَنا اسْتعْمل هَذِه الْمِيَاه فَلم يقدر أحد مِنْهُم أَن يتَمَثَّل استعمالي اياها وَذَلِكَ لانهم لَا يعْرفُونَ الطَّرِيق وَلَا الْمِقْدَار الَّذِي يحْتَاج ان يقدر فِي كل يَوْم من كل وَاحِد من هَذِه الْمِيَاه على حسب مَا تحْتَاج اليه الْعلَّة وَذَلِكَ ان تَقْدِير مَا كَانَ لتِلْك الْمِيَاه عِنْد شدَّة الوجع وغلبته بِنَوْع وَعند تقور النتوء بِنَوْع وَعند كَثِيرَة الْوَسخ فِي القرحة أَو الزِّيَادَة فِي عفنها بِنَوْع وَلم اسْتعْمل شَيْئا سوى هَذِه الْمِيَاه وَبَلغت الى مَا اردت من سُكُون نتوء الغشاء العنبي الَّذِي كَانَ نتأ وتسكين الوجع وتنقية القرحة فِي وَقت مَا كَانَ الْوَسخ كثيرا فِيهَا وانبات اللَّحْم فِيهَا فِي وَقت مَا كَانَت عميقة واندمالها فِي وَقت مَا امْتَلَأت وَلست اخلو فِي يَوْم من الايام من أَن ابين من مبلغ الحذق بِهَذِهِ الصِّنَاعَة مَا هَذَا مِقْدَاره فِي الْعظم أَو شَبيه بِهِ وَأكْثر من يرى هَذِه من الاطباء لَا يعلم أَيْن هُوَ مَكْتُوب فضلا عَمَّا سوى ذَلِك وَبَعْضهمْ اذ رأى ذَلِك لقبني البديع الْفِعْل وَبَعْضهمْ البديع القَوْل مثل قوم من كبار اطباء رُومِية حَضرتهمْ فِي اول دخلة دَخَلتهَا عِنْد فَتى مَحْمُوم وهم يتناظرون فِي فصده ويختصمون فِي ذَلِك فَلَمَّا أَن طَال كَلَامهم قلت لَهُم أَن خصومتكم فضل والطبيعة عَن قريب ستفجر عرقا ويستفرغ من المنخرين الدَّم الْفَاضِل فِي بدن هَذَا الْفَتى فَلم يَلْبَثُوا أَن

اسم الکتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة    الجزء : 1  صفحة : 127
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست