اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 470
غزوة بني قريظة:
وكانوا قد ظاهروا قريشا وأعانوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيهم نزلت: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26، 27] .
قال هشام, عن أبيه، عن عاشة, قالت: لَمَّا رَجَعَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الخندق ووضع السلاح واغتسل أتاه جبريل وقال: وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، اخرج إليهم. قال: "فأين"؟. قال: ههنا. وأشار إلى بني قريظة. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم. متفق عليه[1].
وقال حميد بن هلال، عن أنس: كأني أنظر إلى الغبار ساطعا من سكة بني غنم، موكب جبريل حين سار إلى بني قريظة. البخاري[2].
وقال جويرية، عن نافع، عن ابن عمر، قال: نادى فِيْنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ انصرف من الأحزاب أن: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة". فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون قريظة. وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أَمَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ فاتنا الوقت. فما عنف واحدا من الفريقين. متفق عليه[3].
وعند مسلم في بعض طرقه: الظهر بدل العصر, وكأنه وهم.
وقال بشر بن شعيب، عن أبيه قال: حدثنا الزهري قال: أخبرنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبٍ بنِ مَالِكٍ، أن عمه عبيد الله بن كعب أَخْبِرْهُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رجع من طلب الأحزاب وضع عنه اللأمة واغتسل واستجمر، فتبدى له جبريل -عليه السلام- فقال: عذيرك من محارب، ألا أراك قد وضعت اللأمة وما وضعناها بعد, فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا فعزم على الناس أن لا يصلوا العصر حتى يأتوا بني قريظة. فلبسوا السلاح، فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس، فاختصم الناس عند غروبها، فقال بعضهم: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عزم علينا أن لا نصلي حتى نأتي بني قريظة، وإنما نحن في عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس علينا إثم. وصلى طائفة من الناس احتسابا، وتركت طائفة حتى غربت الشمس فصلوا حين جاءوا بني قريظة. فلم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا من الفريقين.
وروى نحوه عبد الله بن عمر، عن أخيه عبد الله، عن القاسم عن عائشة, وفيه أن رجلا سلم علينا ونحن في البيت, فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزعا، فقمت في إثره فإذا بدحية الكلبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا جبريل يأمرني أن أذهب إلى بني قريظة". وقال: وضعتم السلاح لكنا لم نضع السلاح طلبنا المشركين حتى بلغنا حمراء الأسد وفيه: فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجالس بينه وبين بني قريظة، فقال: "هل مر بكم من أحد"؟. قالوا: مر علينا دحية الكلبي على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج قال: "ليس ذاك بدحية الكلبي ولكنه جبريل أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم ويقذف في قلوبهم الرعب". فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر أصحابه أن يستروه بالحجف حتى يسمعهم كلامه فناداهم: "يا إخوة القردة والخنازير". فقالوا: يا أبا [1] صحيح: أخرجه البخاري "4117"، ومسلم "1769"، "65"، وأحمد "6/ 56 و131 و280" من طريق هشام، به. [2] صحيح: أخرجه البخاري "4118" حدثنا موسى، حدثنا جرير بن حازم، عن حميد بن هلال, به. [3] صحيح: أخرجه البخاري "4119"، ومسلم "1770" من طريق جويرية بن أسماء, به.
ووقع عند مسلم "الظهر" بدل "العصر".
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 470