اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 458
"اصرخ في أهل الخندق أن هلموا إلى الغداء". فاجتمعوا فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد، حتى صدر أهل الخندق عنه وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
وحدثني من لا أتهم، عن أبي هريرة، أنه كان يقول حين فتحت هذه الأمصار في زمان عمر وعثمان وما بعده: افتحوا ما بدا لكم، والذي نفسي بيده، أو نفس أبي هريرة بيده، ما افتتحتم من مدينة ولا تفتحونها إلى يوم القيامة إلا وقد أعطى الله محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحها قبل ذلك.
وقال: وحدثت عن سلمان الفارسي، قال: ضربت في ناحية من الخندق فغلظت عليَّ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريب مني، فلما رآني أضرب, نزل وأخذ المعول فضرب به ضربة فلمعت تحت المعول برقة، ثم ضرب أخرى فلمعت تحته أخرى, ثم ضرب الثالثة فلمعت أخرى. قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما هذا؟ قال: "أو قد رأيت"؟. قلت: نعم. قال: أما الأولى، فإن الله فتح عليَّ بها اليمن، وأما الثانية، فإن الله فتح عليَّ بها الشام والمغرب، وأما الثالثة, فإن الله فتح عليَّ بها المشرق".
قال ابن إسحاق: ولما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع السيول من دومة بين الجرف وزغابة في عشر آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وأهل تهامة وغطفان، فنزلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد بذنب تعمر إلى جانب أحد. وَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُسْلِمُوْنَ حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف، فعسكروا هنالك، والخندق بينه وبين القوم, فذهب حيي بن أخطب إلى كعب بن أسد القرظي صاحب عقد بني قريظة وعهدهم وقد كان وادع رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قومه، فلما سمع كعب بحيي أغلق دونه الحصن فأبى أن يفتح له, فناداه: يا كعب افتح لي. قال: إنك امرؤ مشئوم، وإني قد عاهدت محمدا, فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاء وصدقا. قال: ويحك افتح لي أكلمك. قال: ما أنا بفاعل. قال: والله إن أغلقت دوني إلا عن جشيشتك أن آكل معك منها. فأحفظه, ففتح له, فقال: ويحك يا كعب، جئتك بعز الدهر وببحر طام، جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من دومة، وبغطفان على قادتها وسادتها فأنزلتهم بذنب تعمر إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه. قال له كعب: جئتني والله بذل الدهر وبجهام[1] قد هراق ماءه [1] الجهام، بالفتح: السحاب الذي لا ماء فيه، وقيل: الذي قد هراق ماءه مع الريح.
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 458