اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 380
ولا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وعد أمور الإسلام. قال: فصدقناه واتبعناه، فلما قهرونا وظلمونا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِيْنِنَا، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ، وآثرناك على من سواك فرغبنا فِي جِوَارِكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لاَ نُظْلَمَ عِنْدَكَ.
قال: فهل معك شيء مما جاء به عن الله؟ قال جعفر: نعم فقرأ: {كهيعص} .
قالت: فبكى النجاشي وأساقفته حتى أخضلوا لحاهم، حين سمعوا القرآن.
فقال النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوْسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ. انْطَلِقَا, فَوَاللهِ لاَ أسلمهم إليكما أبدا.
قالت: فلما خرجنا من عنده، قال عمرو بن العاص: والله لآتينه غدا بما أستأصل به خضراءهم. فقال له ابن أَبِي رَبِيْعَةَ؛ وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِيْنَا: لاَ تَفْعَلْ، فَإِنَّ لَهُم أَرْحَاماً، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خالفونا. قال: فوالله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى عبد.
قالت: ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا المَلِكُ، إِنَّهُم يقولون في عيسى قولا عظيما. فأرسل إلينا ليسألنا. قالت: ولم ينزل بنا مثلها.
فقال: ما تقولون في عيسى؟
فقال جَعْفَرٌ: نَقُوْلُ فِيْهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُوْلُهُ وَرُوْحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مريم العذراء البتول.
فضرب النجاشي بيده إلى الأرض، وأخذ منها عودا، وقال: ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا المقدار.
قال: فتناخرت بطارقته[1] حين قال ما قال، فقال: وإن نخرتم والله ثم قال لجعفر وأصحابه: اذهوا آمنين. ما أحب أن لي دبر ذهب، وأني آذيت واحدا منكم -والدبر بلسان الحبشة: الجبل- ردوا عليهما هديتهما، فلا حاجة لنا فيها، فوالله ما أخذ الله فيَّ الرشوة فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيْهِ، وَمَا أَطَاعَ النَّاسُ فيَّ فأطيعهم فيه. فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به.
قالت: فوالله إنا لعلى ذلك، إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فوالله ما علمنا [1] تناخرت بطارقته: أي تكلمت وكأنه كلام مع غضب ونفور.
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 380