اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 336
غزوة بدر الكبرى: من السيرة لابن إسحاق، رواية البكائي
قال ابن إسحاق: سمع النبي صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان بن حرب قد أقبل من الشام في عير لقريش وتجارة عظيمة، فيها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش، منهم: مخرمة بن نوفل، وَعَمْرُو بنُ العَاصِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها". فانتدب الناس، فخف بعضهم, وثقل بعض، ظنا منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يلقى حربا. واستشعر أبو سفيان فجهز منذرا إلى قريش يستنفرهم إلى أموالهم. فأسرعوا الخروج، ولم يتخلف من أشرافهم أحد، إلا أن أبا لهب قد بعث مكانه العاص أخا أبي جهل. ولم يخرج أحد من بني عدي بن كعب. وكان أمية بن خلف شيخا جسيما فأجمع القعود. فأتاه عقبة بن أبي معيط -وهو في المسجد- بمجمرة وبخور وضعها بين يديه، وقال: أبا علي، استجمر! فإنما أنت من النساء. قال: قبحك الله، ثم تجهز وخرج معهم. وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثامن رمضان، واستعمل على المدينة عمرو بن أم مكتوم على الصلاة. ثم رد أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير. وكان أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان؛ إحداهما مع علي، والأخرى مع رجل أنصاري. وكانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ.
فكان مع المسلمين سبعون بعيرا يعتقبونها، وكانوا يوم بدر ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي، ومرثد بن أبي مرثد يعتقبون بعيرا. وكان أبو بكر، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيرا. فلما قرب النبي صلى الله عليه وسلم من الصفراء بعث اثنين يتجسسان أمر أبي سفيان. وأتاه الخبر بخروج نفير قريش، فاستشار الناس، فقالوا خيرا. وقال المقداد بن عمرو: يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو
وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر رجب، فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام. وترددوا, ثم أجمعوا على قتلهم وأخذ تجارتهم، فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي فقتله، واستأسروا عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل بن عبد الله.
وأقبل ابن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين، حتى قدموا المدينة وعزلوا خمس ما غنموا للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزل القرآن كذلك. وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن الحضرمي، فنزلت: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217] ، وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الفداء في الأسيرين فأما عثمان فمات بمكة كافرا، وأما الحكم فأسلم واستشهد ببئر معونة.
وصرفت القبلة في رجب، أو قريبا منه، والله أعلم.
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 336