اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 283
وفي الصحيحين، من حَدِيْثِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أسري به: "لقيت موسى وعيسى -ثم نعتهما- ورأيت إبراهيم، وأنا أشبه ولده به" [1].
وقال مروان بن معاوية الفزاري، عن قنان النهمي، قال: حدثنا أبو ظبيان الجنبي، قال: كنا جلوسا عند أبي عبيدة بن عبد الله ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، فقال محمد لأبي عبيدة: حدثنا عن أبيك ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال أبو عبيدة: لا، بل حدثنا أنت عن أبيك. قال: لو سألتني قبل أن أسألك لفعلت. فأنشأ أبو عبيدة يحدث، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أتاني جبريل بدابة فوق الحمار ودون البغل، فحملني عليه، فانطلق يهوي بنا، كلما صعد عقبة استوت رجلاه مع يديه، وإذا هبط استوت يداه مع رجليه، حتى مررنا برجل طوال سبط آدم، كأنه من رجال أزد شنوءة، وهو يقول ويرفع صوته ويقول: أكرمته وفضلته، فدفعنا إليه، فسلمنا، فرد السلام، فقال: من هذا معك يا جبريل؟ قال: هذا أحمد. قال: مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته. قال: ثم اندفعنا، فقلت: من هذا يا جبريل؟ قال: موسى. قلت: ومن يعاتب؟ قال: يعاتب ربه فيك. قلت: ويرفع صوته على ربه! قال: إن الله قد عرف له حدته. قال: ثم اندفعنا حتى مررنا بشجرة كأن ثمرها السرج وتحتها شيخ وعياله، فقال لي جبريل: اعمد إلى أبيك إبراهيم، فسلمنا عليه فرد السلام وقال: من هذا معك يا جبريل؟ قال: ابنك أحمد. فقال: مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته، يا بني إنك لاق ربك الليلة، فإن استطعت أن تكون حاجتك أو جلها في أمتك فافعل. قال: ثم اندفعنا حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى، فنزلت فربطت الدابة بالحلقة التي في باب المسجد التي كانت الأنبياء تربط بها، ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين ما بين قائم وراكع وساجد، ثم أتيت بكأسين من عسل ولبن، فأخذت اللبن فشربته، فضرب جبريل منكبي، وقال: أصبت الفطرة ورب محمد. ثم أقيمت الصلاة، فأممتهم، ثم انصرفنا فأقبلنا". هذا حديث حسن غريب.
فإن قيل: فقد صح عن ثابت، وسليمان التيمي، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أتيت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر، هو قائم يصلي في قبره"، وقد صح عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى يصلي، وذكر إبراهيم، وعيسى قال: فحانت الصلاة فأممتهم". ومن حديث ابن المسيب أنه لقيهم في بيت المقدس، فكيف الجمع بين هذه الأحاديث وبين ما تقدم، من أن رأى هؤلاء الأنبياء في السموات، وأنه راجع موسى؟ [1] صحيح: أخرجه البخاري "3437"، ومسلم "168".
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 283