اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 256
أبو طالب، قالوا: والله إن كان هذا قط إلا سحرا من صاحبكم، فارتكسوا وعادوا لكفرهم، فقال بنو عبد المطلب: إن أولى بالكذب والسحر غيرنا، فكيف ترون، وإنا نعلم أن الذي اجتمعتم عليه قطيعتنا أقرب إلى الجبت والسحر من أمرنا، ولولا أنكم اجتمعتم على السحر لم تفسد الصحيفة، وهي في أيديكم، أفنحن السحرة أم أنتم؟ فقال أبو البختري، ومطعم بن عدي، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة، وزمعة بن الأسود، وهشام بن عمرو -وكانت الصحيفة عنده، وهو من بني عامر بن لؤي- في رجال من أشرافهم: نحن برآء مما في هذه الصحيفة. فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل.
وذكر نحو هذه القصة ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ.
وذكر ابن إسحاق نحوا من هذا، وقال: حدثني حسين بن عبد الله أن أبا لهب -يعني حين فارق قومه من الشعب- لقي هندا بنت عتبة بن ربيعة، فقال لها: هل نصرت اللات والعزى وفارقت من فارقها؟ قالت: نعم فجزاك الله خيرا أبا عتبة.
وأقام بنو هاشم سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا، لا يصل إليهم شيء إلا سرا مستخفى به. وقد كان أبو جهل فيما يذكرون لقي حكيم بن حزام بن خويلد، ومعه غلام يحمل قمحا، يريد به عمته خديجة -رضي الله عنها- وهي في الشعب فتعلق به، وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم، والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري بن هشام، فقال: ما لك وله! قال: يحمل الطعام إلى بني هاشم! قال: طعام كان لعمته عنده أفتمنعه أن يأتيها بطعامها، خل سبيل الرجل. فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه، فأخذ له أبو البختري لحي بعير، فضربه فشجه ووطئه وطئا شديدا، وحمزة يرى ذلك، يكرهون أن يبلغ ذَلِكَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُه، فيشمتوا بهم، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك يدعو قومه ليلا ونهارا، سرا وجهرا.
وقال موسى بن عقبة: فلما أفسد الله الصحيفة، خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورهطه، فعاشوا وخالطوا الناس.
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 256