اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 216
عن طعام محمد. فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمدا أبدا، وقال: لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته، فقص عليهم القصة، فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة، قرأ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} ". [فصلت: 1-3] ، حتى بلغ {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13] ، فأمسكت بفيه، وناشدته الرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب، فخفت أن ينزل بكم العذاب. رواه يحيى بن معين عنه.
وقال داود بن عمرو الضبي: حدثنا المثنى بن زرعة، عن محمد بن إسحاق، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على عتبة بن ربيعة {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أتى أصحابه فقال لهم: يا قوم أطيعوني في هذا اليوم واعصوني فيما بعده، فوالله لقد سمعت من هذا الرجل كلاما ما سمعت أذناي قط كلاما مثله، وما دريت ما أرد عليه.
قال ابن إسحاق: حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة، لما أسلم حمزة قالوا له: يا أبا الوليد كلم محمدا. فأتاه فقال: يابن أخي إنك منا حيث علمت من البسطة والمكان في النسب، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به بينهم، وسفهت أحلامهم، وعبت به آلهتهم، فاسمع مني. قال: قل يا أبا الوليد. قال: إن كنت تريد مالا جمعنا لك، حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سودناك وملكناك، وإن كان الذي يأتيك رئيا طلبنا لك الطب. حتى إذا فرغ قال: فاسمع مني. قال: أفعل. قال:
{حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت: 1-3] ، ومضى، فأنصت عتبة، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه، فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة سجد، ثم قال: "قد سمعت يا أبا الوليد فأنت وذاك". فقام إلى أصحابه، فقال بعضهم: نحلف والله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس قالوا: ما وراءك؟ قال: ورائي أني سمعت قولا، والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني، واجعلوها بي، خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب، فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به. قالوا: سحرك والله بلسانه. قال: هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم.
وقال يونس، عن ابن إسحاق: حدثني الزهري. قال: حدثت أن أبا جهل، وأبا سفيان, والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يلتمسون يتسمعون مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي في جوف بيته، وأخذ كل رجل منهم مجلسا، وكلا لا يعلم بمكان صاحبه، فلما أصبحوا تفرقوا
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 216