اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 189
ويبعث بسفك الدم. فلما ذكر ذلك سلمان لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَئِنْ كُنْتَ صَدَقْتَنِي يَا سَلْمَانُ لَقَدْ رَأَيْتَ حواري عيسى ابن مريم"[1].
وقال مسلمة بن علقمة المازني: حدثنا داود بن أبي هند، عن سماك بن حرب، عن سلامة العجلي، قال: جاء ابْنُ أُخْتٍ لِي مِنَ البَادِيَةِ يُقَالُ لَهُ: قدامة، فقال: أحب أن ألقى سلمان الفارسي فأسلم عليه، فخرجنا إليه فوجدناه بِالمَدَائِنِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى عِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَوَجَدْنَاهُ على سرير يسف خوصا فسلمنا عليه، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ هَذَا ابْنُ أخت لي قدم علي من البادية، فَأَحَبَّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْكَ. قَالَ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. قُلْتُ: يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّكَ. قال: أحبه الله. فتحدثنا وقلنا: يا أبا عبد الله، ألا تحدثنا عن أصلك؟ قال: أما أصلي فأنا من أهل رامهرمز، كنا قوما مجوسا، فأتى رجل نصراني من أهل الجَزِيْرَةِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنَّا، فَنَزَلَ فِيْنَا وَاتَّخَذَ فينا ديرا وكنت من كتاب الفَارِسِيَّةِ، فَكَانَ لاَ يَزَالُ غُلاَمٌ مَعِي فِي الكتاب يجيء مضروبا يبكي، قد ضربه أبواه، فَقُلْتُ لَهُ يَوْماً: مَا يُبْكِيْكَ؟ قَالَ: يَضْرِبُنِي أبواي. قلت: ولم يضربانك؟ فقال: آتي صاحب هَذَا الدَّيْرَ، فَإِذَا عَلِمَا ذَلِكَ ضَرَبَانِي، وَأَنْتَ لَوْ أَتَيْتَهُ سَمِعْتَ مِنْهُ حَدِيْثاً عَجَباً. قُلْتُ فَاذْهَبْ بِي مَعَكَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَحَدَّثَنَا عَنْ بَدْءِ الخلق وعن الجنة والنار، فحدثنا بأحاديث عجب، فكنت أختلف إليه معه، وفطن لَنَا غِلْمَانٌ مِنَ الكُتَّابِ، فَجَعَلُوا يَجِيْئُوْنَ مَعَنَا، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه، فقالوا: يَا هَنَاة إِنَّكَ قَدْ جَاوَرْتَنَا فَلَمْ تَرَ من جوارنا إِلاَّ الحَسَنَ، وَإِنَّا نَرَى غِلْمَانَنَا يَخْتَلِفُوْنَ إِلَيْكَ، ونحن نخاف أن تفسدهم علينا، اخْرُجْ عَنَّا. قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لِذَلِكَ الغُلاَمِ الذي كان يأتيه: اخرج معي. قال: لا أستطيع ذلك. قُلْتُ: أَنَا أَخْرُجُ مَعَكَ، وَكُنْتُ يَتِيْماً لاَ أب لي، فخرجت معه، فأخذنا جبل رامهرمز، فجعلنا نمشي ونتوكل، ونأكل من ثمر الشجر، فقدمنا نصيبين، فقال لي صاحبي: يا سلمان، إن ههنا قوما هم عباد أهل الأرض، فأنا أحب أن ألقاهم. قال: فجئناهم يوم الأحد، وقد اجتمعوا، فسلم عليها صاحبي، فَحَيَّوْهُ وَبَشُّوا بِهِ، وَقَالُوا: أَيْنَ كَانَتْ غَيْبَتُكَ؟ فتحدثنا، ثم قال: قم يا سلمان، فقلت: لاَ، دَعْنِي مَعَ هَؤُلاَءِ. قَالَ: إِنَّكَ لاَ تطيق ما يطيقون، هؤلاء يصومون من الأَحَدَ إِلَى الأَحَدِ، وَلاَ يَنَامُوْنَ هَذَا اللَّيْلَ. وَإِذَا فِيْهِم رَجُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ المُلُوْكِ تَرَكَ المُلْكَ وَدَخَلَ فِي العِبَادَةِ، فَكُنْتُ فِيْهِم حَتَّى أَمْسَيْنَا، فَجَعَلُوا يَذْهَبُوْنَ وَاحِداً وَاحِداً إِلَى غَارِهِ الذي يكون فيه، فلما أمسينا قال ذاك الرجل الذي من أبناء الملوك: هذا الغلام ما تضيعوه ليأخذه رجل منكم. فقالوا: خذه أنت، فقال لي: هلم فذهب بي إلى غاره، وقال لي: هذا [1] ضعيف: لإبهام من روى عن عمر بن عبد العزيز، والانقطاع بل الإعضال بين عمر بن عبد العزيز، وسلمان فبينهما مفاوز تنقطع لها أعناق المطي.
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 189