اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 181
ذكر زيد بن عمرو بن نفيل، رحمه الله:
قال موسى بن عقبة: أخبرني سالم أنه سمع أباه يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل أسفل بلدح، وذلك قبل الوحي، فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سُفْرَةً فِيْهَا لَحْمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ وَقَالَ: لا آكل مما يذبحون على أنصابهم، أَنَا لاَ آكُلُ إِلاَّ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عليه. رواه البخاري؛ وزاد في آخره: فكان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل من السماء الماء، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُوْنَهَا عَلَى غير اسم الله؟ إنكارا لذلك وإعظاما له. ثم قال البخاري: قال موسى: حدثني سالم بن عبد الله، ولا أعلم إلا يحدث به عن ابن عمر: أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود، فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم، قال: إنك لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله. قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا وأنا أستطيعه، فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا. قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله. فخرج زيد فلقي عالما من النصارى، فذكر له مثله فقال: لن تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله. قال: ما أفر إلا من لعنة الله، فقال له كما قال اليهودي، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم خرج، فلما برز رفع يديه فقال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم. وهكذا أخرجه البخاري.
وقال عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يوما حارا وَهُوَ مُرْدِفِي إِلَى نُصُبٍ مِنَ الأَنْصَابِ، وَقَدْ ذَبَحْنَا لَهُ شَاةً فَأَنْضَجْنَاهَا، فَلَقِيَنَا زَيْدُ بنُ عمرو بن نفيل، فحيا كل واحد منهما صاحبه بتحية الجاهلية، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا زَيْدُ مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا لَكَ؟ قَالَ: وَاللهِ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ ذلك لبغير نائلة ترة لِي فِيْهِم, وَلَكِنِّي خَرَجْتُ أَبْتَغِي هَذَا الدِّيْنَ حتى أقدم عَلَى أَحْبَارِ فَدَكٍ فَوَجَدْتُهُم يَعْبُدُوْنَ اللهَ وَيُشْرِكُوْنَ به فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فقدمت الشام فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فخرجت فقال لي شيخ منهم: إنك تسأل عَنْ دِيْنٍ مَا نَعْلَمُ أَحَداً يَعْبُدُ اللهَ به إلا شيخ بالجزيرة، فأتيته، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أهل بيت الله، قال: من أهل الشوك والقرظ؟ إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ قَدْ ظَهَرَ بِبِلاَدِكَ، قَدْ بعث نبي قد طَلَعَ نَجْمُهُ، وَجَمِيْعُ مَنْ رَأَيْتَهُم فِي ضَلاَلٍ. قَالَ: فَلَمْ أُحِسَّ بِشَيْءٍ، قَالَ: فَقَرَّبَ إِلَيْهِ السُّفْرَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: شاة ذبحت للنصب قال: ما كنت لآكل مما لم يذكر اسم الله عليه قال: فتفرقا. وذكر باقي الحديث.
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 181