اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 178
وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن جده، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: "ما هممت بقبيح مما يهم به أهل الجاهلية إلا مرتين، عصمني الله، قلت ليلة لفتى من قريش: أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما تسمر الفتيان. قال: نعم، فخرجت حتى جئت أدنى دار من دور مكة، فسمعت غناء وصوت دفوف ومزامير، فقلت: ما هذا؟ قالوا: فلان تزوج، فلهوت بذلك حتى غلبتني عيني، فنمت، فما أيقظني إلا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبي، ثم فعلت ليلة أخرى مثل ذلك فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمله أهل الجاهلية، حتى أكرمني الله بنبوته"[1].
وروى مسعر، عن العباس بن ذريح، عن زياد النخعي، قال: حدثنا عمار بن ياسر أنهم سألوا رسول الله صلى لله عليه وسلم: هل أتيت في الجاهلية شيئا حراما؟ قال: "لا، وقد كنت معه على ميعادين، أما أحدهما فحال بيني وبينه سامر قومي، والآخر غلتني عيني"[2] أو كما قال.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حسين [1] منكر: أخرجه الحاكم "4/ 245"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "2/ 33-34" من طريق محمد بن إسحاق، به.
وقال الحاكم في إثره: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "التلخيص" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" "2/ 292" ط. دار الحديث:
"وهذا حديث غريب جدا، وقد يكون عن علي نفسه، ويكون قوله في آخره: "حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته". مقحما والله أعلم". ا. هـ.
قلت: كذا قال الحافظ ابن كثير، ولعل قوله هو الصواب، فمتن الحديث تمجه العقول والأفهام التي ما فتئت تستروح بالنظر في دواوين السنة الصحيحة بله الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة التي بينها العلماء فكل من له اطلاع لا جرم أنه يشمئز قلبه ويمج عقله ما ورد يه. ولقد أبعد الحاكم والذهبي النجعة بتصحيحهما هذا الحديث على شرط مسلم، وهذا من تساهلهما والله تعالى أعلى وأعلم. [2] منكر: فيه زياد بن عبد الله النخعي، قال الدارقطني: مجهول، تفرد عنه عباس بن ذريح. وأورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "1/ ق2/ 536" ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ومتن الحديث منكر يمجه كل من له اطلاع ونظر في دواوين السنة المشرفة. وكيف يكون ذلك وقد نزع الله منه حظ الشيطان في حادثة شق الصدر، والتي تكررت مرات عديدة ليكون قلبه مؤهلا لاستقبال الوحي الإلهي دون تشويش ووسوسة شيطانية {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج: 52] .
اسم الکتاب : سير أعلام النبلاء ط الحديث المؤلف : الذهبي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 178