اسم الکتاب : رفع الإصر عن قضاة مصر المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 332
وكان أول مَا ولي القضاء فِي شوال سنة أربع وعشرين وثلاثمائة بأمر الإِخشيد محمد بن طُغْج بعد صرف أبي محمد عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر وَكَانَ القاضي يومئذ ينظر فِي المظالم ويوقّع فِيهَا، فنظر فِي القضاء خلافةً لحسين ابن أبي زُرعة وترك الحسين النظر فِي الحكم أصلاً. فكان ابن الحداد يجلس فِي الجامع وَفِي داره وَفِي دار ابن أبي زُرعة ويوقّع فِي الأحكام والأنكحة ويكاتب خُلَفاء النواحي. وَكَانَ ابن أبي زُرْعة يواصل ابن الحداد بالعطايا وبلغه أنه بنى داراً فأرسل إِلَيْهِ ثلاثمائة دينار معونةً.
ودخل عَلَيْهِ وبيده قطعة عنبر يشمُّها فناولها لَهُ فشمَّها وردّها فلم يقبَلْها.
ووقعت بينهما مغاضبة فانقطع ابن الحداد عنه حَتَّى سعى أبو محمد الحسن ابن طاهر بينهما حتى اصطلحا.
وقال ابن أبي زُرعة: مَا كَانَ لَنَا بُدّ من نصيب يُشير إِلَى حدة خلق ابن الحداد.
قلما توفي ابن أبي زرعة ولَّى الإِخشيد قضاء مصر لمحمد بن بدر ثُمَّ ولَّى ابن الحدّاد القضاء بمصر مرّة ثانية بعد صرف محمد بن بدر خلافة للحسين بن هَرَوَان وذلك فِي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وخرج الحسين من مر واستمرّ ابن الحدّاد.
وَكَانَ محبباً إِلَى الناس وأرسل إِلَيْهِ الحسين قبل أن يسافر هديَّة تساوي ثلاثمائة دينار وحضر ابن الحداد بطيلسان أسود وعمامة سوداء، واتفق أنه حكم بشهادة واحد ويمين طالب الحق، وكان الشاهد من شهود أبي عبيد فضرب أبو بكر عَلَى فَخِذه وقال: قَدْ حكمتُ بشهادتك وحدك وليست لأحد بعدك. واختص بمجلس ابن الحداد أربعةٌ يجلسون عن يمينه وعن يساره، منهم: سليمان ابن رُسْتُم، وأبو الحسن بن رجاء، والحسين بن كهمش.
وكان قوالاً بالحق، ماضي الأحكام، ويُكرمه كثير من الناس بسماع كلامه وبديع أحكامه، وَكَانَ يتشبَّه بقضايا أبي عبيد ويحكيه فِي أقواله، وَلَمْ يزل مستقيم الأحوال ماضي الأفعال إِلَى أن وصل كتاب الإِخشيد من دمشق لمحمد بن علي بن مقاتل أن يسلّم القضاء لعبد الله بن وليد. وصُرف الحسين وهَرَوَان. وَكَانَتْ ولاية أبي بكر الثانية تسعة أشهر.
اسم الکتاب : رفع الإصر عن قضاة مصر المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 332