اسم الکتاب : رفع الإصر عن قضاة مصر المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 320
فطنتها حتى توصلت إلى مُرادها. وإذا بزوجها قد جاء إلى القاضي وقال: ما أعرف زوجتي إلا منك. وحلف أنها ليس لها أخٌ وإنما ذهبت إلى عشيقها، فسُقط في يده وخاف أن يبلغ الخبر الحاكم فيكون سبب غَضَبه عليه.
فركب في الحال إلى الحاكم وقصَّ عليه القِصَّة وبكى. فأمر الحاكم بإحضار المرأة والرجل. فمضى الأعوان إليهما بغتة فوجدوهما نائمين متعانقين لا يعقِلان من السُّكْر، فحملوهما إلى الحاكم فأمر بإحراق المرأة في بارية وضرب الرجل بالسياط ضرباً مبرّحاً. وزاد في الاحتياط على النساء والتحجير عليهنّ.
وعَلتَ منزلة مالك عند الحاكم حتى كان لا يتركه يقيم في داره فأمر أن تكون دابة ركوبه مُسرَجة ملجمة ليسارع في التوجه إليه. ومع هذا القرب والاختصاص فكان ليّن الجانب سَهْل الحجاب كثير الفضل باذلاً لماله ولجاهه.
فحكى علي بن سعيد في تاريخه أن رجلاً سرق قنديلاً من فضة من الجامع العتقي فرُفع للقاضي فرفه للحاكم فقال له: ويلك سرقت فضة الجامع!.
فقال: إنما سرقت مال ربّي فإني فقير ولي بنات جياع والإِنفاق عليهن أفضل من تعليق هذا في الجامع. فدمعت عيناه ورقًّقه القاضي عليه فأمره بإحضار بناته فَحَضَرْن فأمر المقاضي أن يُجهزنَ بثلاثة آلاف دينار ويزوَّجن وأعاد القنديل إلى الجامع.
فكَثُر من سعى عنده بما لا حقّ فيه ليتوصَّل إلى غرامته عن خصمه وكان يسكن دار مشمول الإخشيدي ثم اشتراها من بيت الوزير يعقوب بن كِلِّس فزاد في أبنيتها وترخيمها وأنشأ فيها مكاناً سماه الجوسق وتقدّم إلى الوكلاء بباب الحكم أن لا يتوكل أحد منهم في شيء يتعلق لأحد من أهل الذمة ولا يركب إلى أحد منهم شاهد لتحمّل شهادة.
واجتمع قوم من السفهاء من رعاع الناس فشغبوا على الشهود بالإساءة حتى حصل للشهود بذلك شِدَّة، فاجتمعوا إلى القاضي وتظلموا منهم، فبلغ الأمر
اسم الکتاب : رفع الإصر عن قضاة مصر المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 320