اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 893
حضرة الأمير إلى التسليم للفرنسيس، بعد المشاورة مع وكلائه ووزرائه وأمرائه، حيث سدت المناهج والمسالك وعز الخلاص، ولات حين مناص:
إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً ... فما حيلة المضطر إلا ركوبها
فأرسل المترجم رسوله إلى قائد الفرنساويين بالميل إلى التسليم، على شروط أرسلها له في رقيم، فقبلها القائد وأظهر الفرح، وزال عنه الغم والترح، ووجه إلى المترجم هدية ذات شان، مفيدة للتودد والأمان، وصدق له على عهده، وأظهر له من الاحتفال غاية جهده. ثم بعد أيام نزل بعائلته ومن معه من خاصته في البارجة الحربية إلى أن وصل إلى دينة أمبواز وبداخلها صرايا عظيمة حصينة، فوضع المترجم بها هو ومن معه، وكان ذلك في شعبان سنة ألف ومائتين وأربع وستين، ثم نقل الأمير منها إلى مدينة بوردو، ثم إلى مدينة نانت، ولما فصل رئيس جمهورية فرانسا وتولاه البرنس لويس نابليون، فاجتهد غاية الاجتهاد وسلك مناهج السداد، في تخليص الأمير من سجنه، وتسريحه إلى مكان يحول بينه وبين كدره وحزنه، فلم يزل يوجه إليه الرسائل، ويعمل في الحضور لديه الوسائل، إلى أن توجه نابليون إلى امبواز، ووعده بالوفاء بالعهد على الحقيقة لا المجاز، وقال له إنك بعد أيام تكون في باريز عاصمة ملكنا، ويكون لك كمال القدر عندنا، وكان قد أقام في امبواز أربع سنوات، فما مضى قليل من الأيام إلا وجاء الأمر بحضور الأمير إلى باريز بالجلالة والاحترام، فدخل في موكب لم يكن لغيره، وساق الله إليه جميل بره وإحسانه وخيره. ولم يزل في عز واحترام وجلالة وإعظام. يدور حيث شاء ويجتمع مع الأكابر والعظماء، إلى أن صدر الأمر من الذات الإمبراطورية بتسريح
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 893