responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 811
فإن الله لم يكتب عليه في ذلك إثارة فتنة وإنما أمره الله تعالى به حيث تكون القدرة عليه، قال صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ". وأحوال الملوك والدول قوية راسخة لا يزحزحها ولا يزلزلها ويهدم بناءها إلا المطالبة القوة التي من ورائها العصبية بالقبائل والعشائر، وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله تعالى بالعشائر والعصائب، وهم المؤيدون من الله تعالى بالكون كله لو شاء، لكنه سبحانه وتعالى إنما أجرى الأمور على مستقر العادة وإنه حكيم عليم. فإذا ذهب أحد من الناس هذا المذهب وكان محقاً قصر به الانفراد عن العصبية فطاح في هوة الهلاك، وأما إن كان من المتلبسين بذلك في طلب الرياسة فأجدر أن تعوقه العوائق وتنقطع به المهالك، لأن أمر الله لا يتم إلا برضاه وإعانته والإخلاص له والنصيحة للمسلمين، ولا يشك في ذلك مسلم ولا يرتاب فيه ذو بصيرة، وكل أمر يجتمع عليه كافة الخلق لا بد له من العصبية، وفي الحديث الصحيح: " ما بعث الله نبياً إلا في منعة من قومه " وإذا كان هذا في الأنبياء وهم أولى الناس بخرق العوائد فما ظنك بغيرهم أن لا تخرق لهم العوائد في الغلبة بغير عصبية، والغفلة عن هذا هي أكثر أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء، فإن كثيراً من المنتحلين للعبادة وسلوك طريق الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه والأمر بالمعروف رجاء الثواب عليه من الله تعالى، فليكثر اتباعهم والمتشبثون بهم من الغوغا والدهما، ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك وأكثرهم يهلكون في تلك السبيل مأزورين غير مأجورين، وكثير منهم يدعي أنه المهدي المنتظر ولم تصح دعواهم، ويتبعهم كثير من العامة والأغمار ممن لا يرجعون إلى عقل يهديهم ولا علم يقيدهم،

اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 811
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست